في السياسة والجمال

Photo

طريف جدا ما صادفني اليوم على أكثر من صفحة في هذا العالم الأزرق العجيب من حديث عن غيرة نسائية من عبير التي افتكّت اهتمام الذكور ونجحت في أن تحظى بمعجبين كثّر فانبرت المعارِضات لها يحاربنها بكلّ الوسائل بل وحتّى بالضرب على طريقة القردة من فصائل الشامبانزي في صراعهنّ من أجل البقاء وخضوعا لمتلازمة الغيرة عند النساء.

طرافة التحليل النفسي البيولوجي الأنتروبولوجي المسقط دفعتني إلى الضحك خاصّة أنّ أصحابه من " الحداثيين" وما قاموا به من تشبيه للنساء المعارضات ولعبير بالثدييات في سلوكهنّ الغريزيّ العاجز عن التطوّر رغم الثقافة يعني وقوعا في فخّ الخطاب الميزوجيني الكاره للنساء والمحتقر لهنّ.

وهو أيضا تحليل ينفي العقل عن المرأة وهو ما يعني التقاءه مع ما يتّهمون به عادة خصومهم من أنّ المرأة ناقصة عقلا ودينا.

في الحقيقة المعارضات لعبير لا يعارضن عبير لأنّها امرأة فلو كانت عبير رجلا لكانت معارضتنا له أشدّ. نحن نعارض الفكرة الفاشيّة التي تمثّلها ونعارض الاسلوب الهمجيّ الذي تعتمده. والجمال كما يؤكّد هيجل نفسه هو تجلّي الفكرة فكيف تكون امرأة جميلة ومثيرة للغيرة وهي تجلو عن فكر فاشيّ مقيت تقوده الكراهية وتحكمه رغبة في إعدام الآخر ونسف تجربة ديمقراطية حديثة؟

الجمال لا يكون إقصائيا ولا يكون استئصاليا ولا يكون فاشيا ولا يكون حاقدا ولا يكون مهرّجا ولا يكون معربدا متعجرفا.

الجمال الذي يثير الغيرة هو الذي يرسم أفقا للإنسان فينا. سنغار من عبير لو أخطأت يوما وأدركته.
إنّه الأفق الفكريّ الذي فشلت كلّ ديكتاتورايات العالم في صوغه. فهي لم تكن سوى ديكتاتوريات قبح، خلّفت ذواتا مشروخة تدّعي حداثة وتبطن تحقيرا للمرأة والإنسان.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات