للدرس في زمن كورونا نكهته

Photo

للدرس في زمن كورونا نكهته أيضا وسنظلّ نتذكّر، إن عشنا، بعد سنوات التلاميذ وهم يدخلون القسم ملثّمين وكأنّما هم في حفلة تنكرية. فلأوّل مرّة في سنوات تدريسي الطويلة أعيش موقفا كهذا. كان صعبا.

أعترف أنّه صعب وأنّ المشهد يدمي قلبي يوميا رغم أنّنا مررنا في التعليم بفترات قاسية لعلّ أبرزها الهجوم على المؤسّسات التربوية بعد الثورة وحماية الأساتذة لها وللتلاميذ. ولكن أمام كورونا لن تستطيع أن تحمي أحدا فهذا العدو لا يظهر للعيان وهو ليس مجموعات أو عصابات يمكن ردّها وإنّما كائنات مجهرية دقيقة يمكن أن تتسلّل من أيّ زاوية وبأيّ طريقة.

ربما طريقة الحماية الوحيدة هي تطبيق الاجراءات الوقائية والتزام التباعد. لكنّ الحديث عن التباعد مع التلاميذ أمر مضحك. إنّهم في طور المجموعات أو " العصابات" وهم يعيشون جماعيا أو يتحرّكون جماعيا ويتنقّلون داخل المعهد وخارجه جماعيا.

بل إنّ ارتداء الكمامة لدى الكثير ينتهي مع الخروج من المعهد. إنّه عمر التمرّد على كل شيء حتى على الموت نفسه. والملفت أنّ كمامات التلاميذ سوداء في أغلبها، لون واحد متفق عليه، لون يتحدى الموت ويضحك منه ويصنع هوية مشتركة، هوية تتقنّع بالقوة.

والطريف أنّي اتّفقت مع تلامذتي أن يلتزموا الكمامات حين أتكلّم أنا وأن أرتدي أنا كمامتي حين يتدخّل أحدهم مزيحا الكمامة، ذلك أنّ الكمامة كتمت الأصوات وأضعفتها وصار التواصل صعبا خاصّة مع بعض أنواع الكمامات الكاتمة للصوت والنفس، ومع الأصوات الخافتة والضعيفة.

واحتجت آنذاك أن أستعين بتعبيرات العين لمزيد الفهم فأصبح "حكيمة عيون بافهم في العين" كما ترنّم عبد الوهاب ذات يوم، أو بإشارات الأيدي في لغة تشبه لغة الإشارة.

مازلنا في البداية، سنعتاد وستكون تجربة ثرية ومخصبة، بل إنّي ألاحظ أنّ التلاميذ لا يعنيهم كثيرا أمر كورونا، وهم مقبلون على السنة متحمّسون في النقاشات لفرض آرائهم إلى حدّ إزاحة الكمامة، أو إبعادها قليلا عن الأنف لأخذ نفس.

سنظلّ نتذكّر هذه السنة، وسنقول إنّنا ارتدينا اللثام وواجهنا الوباء، شبه وحيدين، مع أبنائنا.

حفظ الله الجميع.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات