مقاومة المحو ومقاومة التّزييف ومقاومة الموت

ما حدث أنهم، بهذه الأحكام الجائرة، أشرعوا أبواب الذاكرة ( تلك التي ليس لهم شرف الانتماء إليها ) فجعلوا الأقلام تبدع في استحضار تاريخ النّضال ضد الاستبداد ( اقرؤوا المقال التّاريخي لبسّام بوننّي ) وفي جعل التاريخ النّضالي المشرّف لرموز المعارضة يتجلّى ويتّضح وينكشف رغم كل محاولات القبر والتشويه والمحاصرة والتّمويه.

يمكن القول أنّ المحكوم عليهم قد انتصروا في معركة الذّاكرة أمام من لا تاريخ لهم، وما أشدّ خواء البعض من التاريخ ومن الذاكرة.

ولم تفعل الأحكام الأخيرة سوى الدّفع إلى اكتمال سرديّة النّضال، شيء يشبه اكتمال الملحمة، واكتمال التّاريخ الفرديّ لمناضلين وقفوا وقفتهم الأخيرة، على باب السّجن المشرع، مبتسمين وواثقين وفي كامل أناقتهم وتوازنهم النّفسيّ.

أعتقد أنّ التّاريخ سيكون فخورا بهم وأنّ الأجيال القادمة ستذكر ابتسامتهم في مواجهة الطّغيان في الوقت الذي سيتلاشى ذكر السجّان.

لا أمرّ من السّجن ولكنّه قد يتحوّل مع الكبار قيمة ومعنى إلى كشف. وها هم أمامنا بتاريخهم الفذّ في صوابه وخطئه، يزدادون قيمة وقدرا في الوقت الذّي أريد لهم الطّمس والمهانة والموت المعنويّ.

هناك استرتيجية كاملة لمحو رموز النّضال قد فشلت، مع تواتر النّصوص التي تحفر في الذّاكرة السياسيّة للبلد، في فعل كتابة تشبه المقاومة، مقاومة المحو ومقاومة التّزييف ومقاومة الموت.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات