الإسلاموفوبيا هنا أيضا

Photo

هنا أيضا، وبعد المسيرة الضخمة ضدّ الإسلاموفوبيا في فرنسا، نحتاج إلى حركة احتجاجية ضدّ الإسلاموفوبيا التي انتقلت إلينا مع سرديّات أخرى صاغتها الحداثة الرّأسمالية لتصبح رهابا حقيقيا يتمّ الترويج له وتوظيفه في المعارك السياسية.

وقد اشتغلت وسائل إعلام كثيرة هنا، وعلى منوال وسائل الإعلام الفرنسية، على هذا الرهاب وبلغ الأمر إلى حدّ توظيفه في المعركة الرئاسية الأخيرة وأذكر أنّ إحدى الصديقات عبّرت لي عن خوفها الشديد من الرئيس الذي يصلّي وتفضيلها خصمه البعيد عن "الشبهات".

كان ذلك صدمة لي أن يصبح المترشح الذي يِجمع الناس على نظافته مصدر شبهة وأن يصبح المترشح المتعلّقة به قضايا غير مشبوه. هذه الفوبيا تتجلّى خاصّة في إطلاق صيحات الفزع كلّما تعلّق الأمر بالثقافة الدينية وترسيخها لدى الأطفال والتي تمثّل جزءا من ثقافة الشّعب العربي المسلم في أحد أبعاده. في باريس تمّ رفع شعارات عديدة يمكن أن تعبّر عن واقعنا هنا أيضا مثل: لنضع حدّا للإسلاموفوبيا، العيش المشترك ضرورة، نتضامن مع النّساء المحجّبات، نعم لنقد الديانة لا لكراهية المسلم، لا للأحكام المسبقة بشأن المسلمين، الإسلاموفوبيا تقتل، نحن جميعا أبناء هذه الجمهورية..

بعض هذه الشعارات ذكّرتني ما تعرّضت له صديقة مثقّفة محجّبة من مضايقات شديدة من زميلاتها و"صديقاتها" وأبناء ضاحيتها بسبب حجابها بعد الثورة وأثناء معارك الهويّة وفتاوى الحداثيين حول الحجاب. مثلما أتذكّر ما تعرّضت له امرأة حداثية قبل الانتخابات الأخيرة بسبب صورة لها جمعتها بالسيد عبد الفتّاح مورو، حيث كانت صدمة الحداثيات من الصورة كبيرة إلى حدّ الإضحاك.

الإسلاموفوبيا كصناعة غربية يتمّ استيرادها وتبنيها من قبل نخب يتحجّر فهمها للحداثة في معاداة الدّين، هذه العدوانية التي نشأت داخل سياق استشراقي استعماري مهّد لغزو الشّعوب. ولئن كان اليسار الفرنسي في شقّ كبير منه قد انخرط في هذه الحركة الاحتجاجية ضدّ الإسلاموفوبيا، فإنّ أغلب اليسار هنا في بلادنا مازال يحمل موقفا عدوانيا من الإسلام ويتبنى هذه الأطروحات الاستشراقية رافضا التعايش كحلّ ضروري.

مازال البعض يرعبه مشهد أطفال يصلّون، ولا يرعبه الرقم المهول والمفزع للأطفال الذين يغادرون المدرسة ( مائة ألف كلّ سنة ). الصلاة مسألة شخصيّة بين العبد وربّه، أمّا الجهل فمعضلة وطنية ومأزق حضاريّ.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات