سفر لا بدّ منه في أرض عربيّة ثابتة…

هذه اللّحظة لا تُقرأ بالعقل، لأنّ العقل قد يقيّدها. هي لحظة جامحة منفلتة خارج سياق يحاصرها. أعتقد أن ليس على الشّعوب أن تكون متعقّلة بل هادرة. العقل للسياسيّ الذي يجب أن ينصت إلى هدير العاطفة حين تعصف بالمسلّمات و" بالواقعيّة السياسيّة " الماكرة المرهقة للإرادة.

الشّعوب تحلم وتنطلق وتذهب إلى أقصى النّهايات، ترجّ ما يتّفق عليه " العقلاء " وتقلب الخرائط الجاهزة. يكفي أن نذكّر بأنّ القضيّة الفلسطينيّة كادت أن تُقبر قبل الطّوفان. وُضعت على رفوف النسيان بعد أن اشتغل " العقل " العالمي المتّفق على الانتهاء منها. اليوم هي محور نضالات الشّعوب الهادرة في العالم.

العواطف القويّة قد تدفع العقل البارد الذي يحسب كلّ خطوة رياضيّا إلى مراجعة ذاته. ولكن، وهذا الأهمّ، تُحرّر الشّعوب من موتها، وتوقظ فيهم الشّهامة وفخر الانتماء والإحساس بالقدرة، وكلّ القيم التي تحلّلت بفعل الطّرْق والتّلاعب، وتحرّرهم أيضا من انكفائهم على الذّات، ونفي الآخر المختلف إيديولوجيّا، نحو مشروع أخلاقيّ وإنسانيّ رائع لا يتحقّق إلّا باللّقاء الحقيقي المؤسّس، وإلّا بالرّحلة معا نحو التّخوم. سفر لا بدّ منه في أرض عربيّة ثابتة.

هي لحظة امتلاء، سيُسعى إلى إفراغها من معناها بالسّرديّات الكاذبة، و" بالعقلانيّة " الجبانة، ولكنّها ستصمد وستكون البذرة التي تخصب الصّحراء العربيّة.

يكفي التقاطها وإرواؤها.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات