صورة الآخر لدى يهود تونس من خلال الصّحافة العبريّة ـ العربيّة.

أفرغ من قراءة كتاب صديقتي الباحثة في جامعة السّربون سنية بن الحاج ابراهيم: صورة الآخر لدى يهود تونس من خلال الصّحافة العبريّة ـ العربيّة.

كان سفرا ممتعا وتجوالا في العقل اليهودي التونسي من خلال صحافة تونسيّة أشرف عليها كتّاب يهود كدانيال حجاج ومخلوف نجّار وغيرهم. الكتاب يفكّك مفهوم الجالية ويبحث في أصل يهود تونس ووضعيّتهم الثقافيّة، ولكنّه في قسم هامّ يشتغل على صورة الآخر من خلال الصحافة العبريّة العربيّة.

والمقصود بالآخر هنا: تونس والتونسي المسلم، فرنسا البلد المستعمر، فلسطين الأرض المقدّسة، ألمانيا النازيّة. الكتاب يكشف علاقة يهود تونس مع هذا الآخر ومواقفهم من تونس بلد الإقامة ونظرتهم إليه وهي نظرة قريبة من نظرة المستعمر الفرنسي إذ تكشف الصّحافة العبريّة العربيّة عدم تفهّم للمطالب الوطنية التونسية، في حين تبدو فرنسا لهم البلد المحرّر وتكشف النصوص تعلّقا عاطفيّا عميقا بها إلى حدّ التجنّس والاندماج، رغم حرص الكثير على الحفاظ على بعض خصوصياتهم الدينية في وجه التحديث الفرنسي من خلال الحرص على الابقاء على تشريعهم اليهوديّ الخاص..

أما فلسطين فهي لديهم وطن الأجداد وقد دعّمت هذه الصحافة العبريّة العربيّة توجّها صهيونيّا من خلال التّشجيع على الهجرة من تونس إلى فلسطين. ألمانيا النازيّة لدى يهود تونس هي بلد يبغض اليهود ويفسد " السلام العالمي".

الكتاب بحث يمتلك من الصّرامة العلميّة والمنهجيّة ما يجعل من نتائجه أساسا لفهم الوجود اليهودي في تونس وفي العالم وتبيّن الهويّة الثقافيّة للجالية اليهوديّة ورؤيتهم لوجودهم ولإقامتهم في العالم. وهو كتاب يفسّر ضمنيّا التغريبة الفلسطينية من خلال ما يستخلصه القارئ من علاقة بين الاستعمار والصّهيونية. إنّه يتجاوز الشعارات ليجسّد تضامنا علميّا مطلوبا.

كتاب أرجو أن يكون موجودا في تونس لما يمثّله من قيمة مرجعية ولما يؤسّسه من معرفة مغيّبة نسبيّا.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات