هل دق قايد صالح مسماره في نعش الحراك ؟

Photo

فرح وزغاريد، تبادل للتهاني في الجزائر بمناسبة اعتقال العديد من رموز الحقبة الحالية وليس الحقبة الماضية، فالحقبة الماضية مازالت سارية المفعول فقط بشيء من اعادة الانتشار، حقبة ماضية وحاضرة تقوم بتصفية بعضها البعض، وترسل بأطرافها الى قصر الثكنة وليس إلى قصر العدالة! هل يعني ان القضاء الذي عاش طوال عقود تتحكم فيه هواتف القصور والثكنات تحول فجأة إلى النزاهة بل أفرط في تعاطي النزاهة، وأصبح يستقبل العسكر والسياسيين والنقابيين ويحكم بينهم وفيهم بالعدل، والناس تبارك ولا ندري على ما تبارك!

أتبارك تغيّر القضاء الذي يشبه التغيير بنسق "كن فيكون" وتلك من خصائص رب العزة، ام هو الارتشاف الغبي للحظة تشفي وقتية ستكون تداعياتها في المستقبل مكلفة ومكلفة جدا.

إيقافات كثيرة وقعت في الجزائر، كلها بطعم واحد، لكن دعنا نركز على الإيقاف "العسكوسياسي" لزعيمة حزب العمال لويزة حنون، والتي اتهمها الجناح المتغلب بالتآمر ضد الحراك الشعبي والجيش، هذه التهمة الركيكة متماهية الى حد الاستنساخ، مع خطاب رئيس الاركان الذي طالب فيه بتطبيق المادة 102 وهي الهدف الأول والأخير، ثم ولمغازلة الشارع اضاف اليها المادة 7و 8، وعندما فرضت المادة 102 واستتب الأمر للعسكر، انتهت قصة المادة 7 و 8، وبح صوت الحراك ولا من مجيب، نفس الأمر يحدث في التهم الموجهة لحنون، التآمر ضد الحراك وضد الجيش، بعد حين سيختفي الشطر الاول من التهمة "ضد الحراك" ويبقى الاصل والمفصل "ضد الجيش".

هل تآمرت حنون ضد الجيش الجزائري؟

لا لم تتآمر لويزة حنون على الجيش، وإنما انحازت لأحد الأطراف التي أسست لعسكرة الجزائر، لم تنخرط ضد المؤسسة الرمز، وانما انخرطت مع هذا الجنرال، وليس لحساب ذاك، لا شك في ان لويزة حنون يسارية استئصالية ضالعة في شعار "الغاية تبرر الوسيلة"، ذلك منهجها الفكري الإقصائي التروتسكي، أما علاقاتها فمثلها مثل 90% من الأحزاب والشخصيات النشطة في الساحة الجزائرية، التي تعود ملكيتها وحقوق بثها للمرادية "سعيد بوتفليقة" للجيش "قايد صالح" للمخابرات "الجنرال محمد مدين شهر توفيق" حين كان في منصبه او حين عُزل واحتفظ بالكثير من نفوذه، لذلك لا يمكن اتهام لويزة حنون بالتنسيق مع جهة في السلطة في حين الكثير من الاحزاب تنسق مع الجهة الاخرى، وما دامت دولة المؤسسات منخفضة ودولة النفوذ مرتفعة، فالحياة السياسية ستكون في مجملها عبارة عن "جنة" الذل!

وقلة قليلة ستكتوي بنار الاستقلالية المكلفة، والاكيد ان تجريم الولاء للجنرال توفيق ليس من مهام غريمه الجنرال قايد صالح، وإنما من مهام دولة المؤسسات التي يسوسها المدني ويحرسها العسكري، وإذا كان هناك من يوالي القايد صالح كزعيم لدولة العسكر، كان من الطبيعي ان نجد من يوالي محمد مدين، لأنه الاسبق في التأسيس لدولة العسكر، على أنقاض دولة الشعب، بل يتقدم مدين في صناعة الدولة العسكرية على قايد صالح، فراسه براس نزار وقنايزية والعماري..من يعود إليهم "الجرم" في الإجهاز على التجربة الديمقراطية واعادة التمكين للعسكر بطريقة أعمق.

إذا كانت مكاتب لويزة حنون اثثها توفيق، فمن اثث مكاتب غول وسعدي وأبوجرة و أويحي و الوجوه المخضرمة التي تداولت على جبهة التحرير، كلها أسماء كان وما زال اغلبها يدور في فلك هذا الجنرال او ذلك الجهاز ناهيك عن رجال المال و وسكان المرادية. وعليه فإن غالبية الشخصيات السياسية والنقابية والأحزاب لا تتبع الجزائر وإنما تتبع أجهزة جزائرية، قلة نادرة أفلتت من الاستعمال، على غرار المرحوم آيت أحمد وعلي بالحاج وعبد الله جاب الله، حتى بعض اجنحة الجبهة الاسلامية للإنقاذ التي انقلب عليها العسكر، انتهت في حجر هذا الجهاز او ذاك..

فلماذا لويزة حنون بالذات؟! لماذا يغرق بعض العروبيين والاسلاميين والوطنيين في مطب من التشفي الغبي، سيقودهم الى مصير صباحي والبرادعي، لماذا يسمح لجنرال يخوض معارك اجنحة طاحنة، بمحاسبة سياسية لأنها محسوبة على الجناح الآخر، لماذا لا يعترض الجميع عن مثل هذه الإيقافات، ويتركز الجهد على دولة مدنية يتحاكم الجميع الى منتوجها القضائي بعيدا تطاحن الجنرالات، لماذا لا يدرك الذين زغردوا لسجن لويزة حنون لأنها يسارية استئصالية، انه سيأتي عليهم الدور حين يساقون الى السجن بتهمة الاستئصال العروبي او التطرف الاسلامي، بل اذا تواصل الاستسلام لعدالة الدبابة، سيساق الكثير بتهمة الضلوع في الحراك، حينها سيضربون كف بكف، ويقولون في يوم سابق قال جلالة رئيس الاركان ان لويزة حنون متهمة بالتآمر على الحراك، فكين تحول الحراك اليوم الى تهمة موجبة للسجن..

يحدث ذلك حين يركب الصراع الايديولوجي مركبة الثورة قبل ان تحسم معاركها الكبرى، ويشرع في العبث بنسيجها لصالح الثكنات، حينها سينتهي الحلم، وستسقط الثورة سبية لمن يملك مخازن البارود.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات