في الحوار الأخير للغنوشي مع موقع كشف قال "قطر ليست ولية أمري". لأول مرة يتحدث الغنوشي بهذا الوضوح عن علاقته بقطر. مستشاره الشعيبي كان أوضح حين قال أن قطر تبحث عن مصالحها في تونس وأنها لا تحمي الغنوشي المهدد بالاعتقال في أي لحظة.
منذ الانقلاب قلت أن قطر (وتركيا بخلفية مغايرة) تخلت عن النهضة بعد أن كانت أداة استدراج أمريكي/غربي لها كي تتورط في حكم بلاد غير قابلة للحكم.
ما علاقة الموقف القطري من النهضة بموقف الانقلاب منها؟
بالنسبة إلي أؤمن أن الانقلاب يتخذ النهضة "أداة حكم" أيضا، بعد أن استعملها بذكاء وفعالية أداة للانقلاب. نجح في تعطيل الديمقراطية وتجميع كل خصوم النهضة في معركة مركزة ومكثفة ضد شخص الغنوشي في رئاسة البرلمان. ولست هنا لأقول أنها معركة حق، المهم أنها كانت خطة ناجحة في التحشيد السياسي والشعب-و-ي.
أن يأتي اليوم الغنوشي ليقول لأول مرة أن الانقلاب كان مخططا له.. أقول له صحة النوم وعيب.. بحت حناجرنا ونحن نقول لكم إنهم ينقلبون لا يخططون.. ولكنكم كنتم منشغلين بحساباتكم الصغيرة، ومطمئنين للتطمينات القطرية والأمريكية. أن يقول أيضا أن الانقلاب كان سيحدث حتى إن لم يكن هو على رأس البرلمان فهذا إمعان في إنكار مؤسف.
لكل هذا يُبقي الانقلاب على النهضة "أداة حكم" فعالة جدا. وجودها، بالغنوشي على رأسها، كاف تماما لاستدامة حالة التحشيد الشعبوي ضد شبح ديمقراطية قد تعيد نهضة الغنوشي إلى الحكم. وهو وجود أخّر جدا مهمة تشكيل معارضة واسعة جامعة.. بل ويجعل هذه المهمة مستحيلة.
الانقلاب يرفع فوق رأس النهضة والغنوشي منذ سنة ونصف "سيف ديموقليس "، وهو بذلك يضمن تماما وضع الجميع، هي وحلفائها وخصومها، في وضع انتظار مرتبك دائم.. يشبه العجز.
تبا.