من يستطيع منع التطبيع الوشيك.. شبه الحتمي؟ وكيف؟

Photo

أنا ضد اتهام أي طرف سياسي ممّن تربّوا فكريا على معاداة الكيان الصهيوني بعدم المبدئية في التعامل مع الموضوع الفلسطيني. بل أنني متأكد أن جمهور اليسار والإسلاميين والقوميين صادق تماما في تبنيه المبدئي وحتى الوجودي لحق الفلسطينيين في أرضهم.

لكن العالم اليوم بصدد مفاجأة كل هؤلاء بما كانوا يرونه مستحيلا وبعيدا. موجة تطبيع عربي غير مسبوقة.. ومتى؟ بعد انهيار الأنظمة الاستبدادية التي كنا نعتبرها حليفا موضوعيا للكيان الصهيوني ومانعا لشعوبنا من بناء دول وطنية تمثل معاداة الصهيونية مقوّما من مقومات وطنيتها.

كيف نفسر هذا الاستسلام العربي الرسمي للإرادة الصهيونية؟

هناك حالة فراغ سياسي عربي بعد سقوط أنظمة استبدادية كانت تخاف من شعوبها وتقنع الغرب الامبريالي الحامي للصهيونية بأن مصلحته في مساندتها لمنع صعود قوى وطنية معادية له.

يوم انهارت هذه الأنظمة.. اندلعت حرب داخلية مفتوحة بين القوى الوطنية التي كان مفترضا أن تشكل بديلا وطنيا جامعا مدمجا للجميع ضمن مشروع استقلال وطني. ما حدث من انقسام داخلي بعد الثورات العربية جريمة في حق شعوب المنطقة. طبعا الاستعمار لم يكن بعيدا عن تخطيط كل ما حدث.

الآن في تونس صرنا معزولين في مشهد عربي مطبّع.. وسيطبّع أكثر. حتى الجزائر لن تستطيع الصمود أو على الأقل لن يكون لرفضها التطبيع معنى وفعالية بسبب هشاشة وضعها الداخلي.

ماذا نستطيع أن نفعل الآن في تونس لنمنع التطبيع السياسي العلني؟ لأن التطبيع واقع فعلا على المستوى الاقتصادي والمالي… الشركات المتحكمة في السوق وشبكات التجارة والبنوك كلها أو أغلبها مرتبطة بالكيان الصهيوني…

شرط الوطنية عندي اليوم هو العمل على بناء مناخ التقاء وطني بين الذين رفعوا طويلا شعار معاداة الاستعمار والصهيونية حول برنامج إنجاز اقتصادي واجتماعي أدنى عاجل يحفظ ويحصّن كيان الدولة.

أدرك أن المستعمر يملك كل أدوات خنق هذا التوجه ماليا واقتصاديا عبر لوبياته المتحكمة في الاقتصاد.. في ظل انفراط العقد الوطني حاليا وتشتت القرار السياسي بين حكومة ورئاسة وبرلمان.

أن تكون ضد التطبيع لا يعني أن تصرخ باستمرار أنك ضده. عليك أن تمتلك ذكاء تحيين وعيك على ضوء مستجدات التاريخ… وإلا فأنت مطبّع رغما عن أنفك.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات