والآن.. أين السياسة...؟

بكثير من التكثيف نستطيع تلخيص "الحالة التونسية" على النحو الآتي :

* يوم 25 جويلية أعلنت "الغرفة" إنهاء الديمقراطية بعد أن هرسلتها بأيدي "أهلها" المغفّلين والمرضى بالزعامة ووهم الحكم وأشياء كثيرة أخرى، ثم أجهزت عليها بيد من بايعه هؤلاء الأهل وكل "الشُّعْب" على أنه "أمير المؤمنين والديمقراطية وكل شيء".. ففعل بهم وبالديمقراطية كل شيء.

* تلكّأت الغرفة مطولا في حسم الشكل النهائي للوضع التونسي الجديد. طبعا هذا البطء ليس خيارا منها، بل يعود إلى تشابك المصالح ودقة التوازنات الإقليمية والدولية العابرة لتونس.

في مرحلة أولى تمت إدارة الانقلاب مركزيا عبر نادية عكاشة ممثلةً للصيغة الفرنسية في السياسة، بعد إزاحة الفريق الانتخابي لسعيّد من القصر، قبل أن يستحيل التعايش بين التصور الفرنسي و"حالة سعيّد" غير التقليدية والغامضة.

وفي مرحلة ثانية ما زالت متواصلة تم ضبط الانقلاب بحكومة متناصفة بين شق صندوق النقد ولوبيات المال، وشق البناء القاعدي الماركسي المجالسي الشعبوي.

* وفي الأثناء تم تغيير هيئة الدولة بدستور جديد مثّل مسار صياغته جريمة في حق التراث الدستوري البشري، وتم تشكيل برلمان أقرب إلى النكتة البذيئة في شخوصه وطريقة انتخابه.

وتمت حماية هذا "المسخ الديمقراطي الدستوري" بالنفخ الدائم في شعبوية رثة ترفع شعار التصدي الدائم لتآمر كل العالم على تونس العظيمة لمنعها من التحول إلى نموذج كوني في السياسة.

لم تحتجْ الغرفة حل الأحزاب القديمة بل تركتها تذوب تلقائيا وتحتجب عن الحياة خلف ضباب الشعبوية الرثة. حتى حزب النهضة اختارت الغرفة أن تجعل منه الوليمة الدائمة التي تتغذى منها أطروحة المؤامرة في التوقيت وبالحجم الملائمين لنسق التشكل الجديد ل"الحالة التونسية". فسجنت قيادات منه دون أخرى، وأغلقت مقراته، لكنها أبقته حيا قانونيا في انتظار استعمال آخر.

* الآن... لا جديد. تواصل الغرفة العمل بالأدوات التي استعملتها يوم 25. لكن الأرجح أنها أدوات مرشحة للاستبدال في اللحظة المناسبة.

تبا.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات