كارثة الخوض في مستقبل العالم بعقلية فيراج كرة القدم

منذ انفجار ملحمة الطوفان الغزاوي الحمساوي التي زعزعت الكيان، ومن ورائه القوى الاستعمارية الغربية المجرمة التي صنعته وتواصل رعايته، يردد كثير من الجمهور "المشجّع" للملحمة شعارات ضخمة ذات ثقل سياسي استراتيجي وفكري فلسفي وبصيغ حتمية تبشيرية.. وكأنهم صاروا فجأة فلاسفة وعلماء أفكار.

يقولون بثقة رسولية أن الغرب انتهى سياسيا وحضاريا وفكريا. وأن الإبادة التي يمارسها في غزة كشفت حقيقته المتوحشة وزيف حداثته وأن ما يدعيه من تقدم ليس إلا وهما خدع به العالم طويلا وها هو ينكشف ويتعرّى.. وقريبا يزول.

والبديل عن هذا الزيف هو هويتنا.. أي الإسلام والقرآن والحضارة العربية الإسلامية.

هكذا بكل بساطة يتم إلقاء مرحلة كبرى من مراحل التقدم الإنساني التي أطلقها الغرب منذ القرن الخامس عشر في حاوية الفضلات. مرحلة أسسها الغرب على المنجزات الفكرية والقيمية لكل الحضارات السابقة ومنها الحضارة الإسلامية.

أن تنحرف هذه الحضارة عن هويتها الإنسانية التي أنتجت فكرة التعاقد القانوني والديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية والحريات، نحو مركزية استعمارية امبريالية بفعل الهيمنة الرأسمالية المعولمة لا يبرر التسرع في إنكار الإسهام الغربي الكبير في مسار التقدم الإنساني والتبشير الساذج بنهايته.

التقدم الغربي بما هو عقلنة للشأن السياسي ودمقرطة، وتحرير للتفكير، وأنسنة.. أي تمحور حول الإنسان/المواطن الحر، واكتشافات علمية مذهلة.. هو مكسب لكل الإنسانية ويجب البناء عليه والعمل على تحريره من هيمنة رأس المال المتوحش المعادي للطبيعة والحياة والإنسان والمتمركز حول فكرة الربح فقط.

أخلقة العلاقات بين الدول والثقافات وإقرار التعددية الحضارية وترسيخ العدالة السياسية على مستوى العالم هو أفق إنساني ضروري. وطوفان غزة انتفاض إنساني تاريخي فريد في وجه الاستعمار المعولم. وهو طوفان حرية وعدالة.. أي الجوهر الإنساني المنزوع من حضارة الغرب الذي انحرفت به الرأسمالية الاستعمارية عن جوهره الإنساني الذي تجسده مظاهرات شعوبه المليونية المطالبة بوقف الإبادة.

أخيرا.. رجاءً لا تدخلوا السياسة والفكر من باب الهتاف الكروي.

تبا.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات