اتحاد الشغل والنهضة.. هل أنهاهما الانقلاب؟

نظام سياسي شبه كاراكوزي ينجح، وفي زمن قياسي، في إنجاز ما عجز عنه حكم بورقيبة الفردي وحكم بن علي البوليسي. برئيس لم يمارس السياسة في حياته.. وبحكومة شكلية ووزراء نكرات وولاة لا يتوفرون على المؤهلات المدرسية لأبسط وظيفة إدارية.. يمحو من الوجود أكبر نقابة عمالية في إفريقيا ومعها أكبر حزب سياسي.

اتحاد الشغل الآن، وبكل بساطة، لم يعد موجودا عمليا. اكتفى النظام بتوقيف بعض القيادات النقابية الوسطى، فوصلت الرسالة للمنظمة: انصرفوا إلى شؤونكم الخاصة وانسوا شيئا اسمه منظمة نقابية ودور سياسي. لا فقط دعكم من مبادرة الحوار الوطني، بل مضمضوا من مجرد تفاوض على مطلب نقابي بسيط في كل القطاعات.

يعني في رمشة عين انتهى اتحاد الشغل. ووجدت كل القطاعات المهنية نفسها في العراء.

ومحا النهضة أيضا. قمعها بورقيبة فصمدت. لاحقها بن علي بالقتل والتعذيب والسجون والتهجير.. فصمدت. النظام الحالي اكتفى ببعض الإيقافات المحسوبة.. وأغلق مقراتها بلا محاكمات ولا ضوضاء ولا يحزنون. فانتهت.

وفي رمشة عين انتهت السياسة.

قد يقول قائل أن الأجهزة الصلبة التي تقف خلف واجهة الحكم هي التي تفسر قدرته الخارقة. لكن هذا وحده لا يمكن أن يفسر سرعة تحلل كيانات اجتماعية وسياسية عمرها عقود طويلة.

قد يقول البعض أيضا أن الاتحاد والنهضة لا يمكن أن يندثرا بهذه السهولة، وأنه انكفاء اضطراري/تكتيكي/وقتي سيزول بزوال قبضة النظام الذي لا يمتلك شروط الاستمرار.

لهؤلاء أقول أن لا جسم تعود إليه عافيته بعد أن يتحلل. قد يستعيد بعض وظائفه. لكنه لن يتعافى.

حاصيلو.. تبا.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات