بعد خروج مدينة ڨابس برجالها و نسائها، بسببها و شبابها للمطالبة بإيقاف التلوث القاتل للمجمع الكيميائي، ها هو رئيس الدولة يجيب بنهجه المعهود - و صيغته المهينة له و للشعب التونسي عن طريق صفحة الفيسبوك - قائلا : "إنها لحظات فرز تاريخية بوعي شعبي غير مسبوق و لو كان الدغباجي حيا لخرج مع الأهالي بصموده البطولي للتصدي على المتآمرين على الشعب التونسي مع الصادقين الثابتين المؤمنين بحقهم الطبيعي و الذين يتصدون لمن يريدون توظيف آلامهم بحساباتهم المعروفة المكشوفة".
و يضيف أن "عملية الفرز تتم و ستأتي نتائجها قريبا قريبا و سيتم تحميل مسؤوليته كاملة طبق القانون". نحن نعرف ما تعنيه هذه العبارات عند قيس سعيد : إنها إعلان لحملة جديدة ضد كل شكل من أشكال المعارضة سياسية ، حقوقية ، نقابية أو إجتماعية .. إعلان لحملة متابعات و ربما إيقافات لكل نفس معارض.
لا تمتلك منظومة الحكم اليوم حلولا لمشاكل الشعب التونسي في كل المجالات إلا بتقديم قرابين جديدة و حملات متابعة بعناوين مختلفة ضد كل من يعارضها.
هذه سياسة الهروب إلى الوراء ..و التي لا تقبل أي فكر أو تعبير معارض لها. الفرز واضح إما معنا أو ضدنا و لن تتوقف هذه الحملات إلا بإيقاف كل أشكال التعبير و النشاط الحر.
منظومة الحكم هي التي توظف الأزمة البيئية اليوم بڨابس لملاحقة و محاسبة من يعارضها و هي التي توظف اجهزة الدولة (و هي التي من المفروض عليها حماية المواطنين) للتنكيل بعدد كبير من النشطاء السياسيين و الصحافيين و عدد من إطارات الدولة و عدد من رجال الإقتصاد في محاكمات تفتقد الحد الأدنى لمقومات العدالة.
لم يخرج شعب ڨابس إلا للمطالبة بحقه في بيئة سليمة و ها هو رئيس الدولة يلوح و يهدد بتوظيف ذلك لمتابعة و ملاحقة المعارضين لمنظومته.
هذه هي الرسالة الوحيدة الجديرة بالفهم من هذا الخطاب.
لکِ الله يا تونس.