هذا ما يسمى في علم التسيير : الجمود الثرثار l'immobilisme bavard. عندما تفعل أشياء و تأخذ قرارات لا تصلح لشيء و لا تحل أي مشكل مطروح و لكن تعطي الانطباع أن هناك قرارات تؤخذ لحل إشكال ما.
مشكلة تونس الجوية ليست في حوكمتها فقط ..تغيير ممثل الدولة في مجلس إدارة الشركة و الذي كان رئيس مجلس الإدارة بمتصرف إداري ليست له خبرة النقل الجوي إنما هي تعبر عن صلف و جهل و إنعدام كفاءة العقل الإداري المسير للدولة حاليا مع قيس سعيد.
مجلس الإدارة له مهمة تحديد الخيارات الإستراتيجية في المؤسسة و كذلك تعيين الإدارة التنفيذية ثم مراقبة تسيير الشركة و تحديد المخاطر و لا توكل إليه مهمة التسيير اليومي في إطار الإستراتيجية المقررة.
هل لتونس الجوية رؤيا و إستراتيجية ؟ بل و هل للدولة التونسية حكومة و رئيسا تصور و رؤية للنقل الجوي في علاقة مع الرؤيا الإقتصادية و السياحية و الإجتماعية و الثقافية ؟ و هل وقع إقرار هذه الإستراتيجيا و تكليف الإدارة العامة بتنفيذها و إعطائهم إمكانيات تنفيذها ؟
يكاد النقاش كل مرة حول تونس الجوية يدور حول الموارد البشرية التي تفوق معدلات الشركات الناجحة أو حول خوصصة الشركة .. و هذه ليست المشاكل الحقيقية و الرئيسية التي يجب أن تناقش. الموارد البشرية أو تركيبة رأس المال إنما هي نتائج مخطط عمل و رؤية للتنقل من شركة ضعيفة الخدمات إلى شركة متميزة و صلبة و تنافسية و لها موقع متميز في إسناد النسيج الإقتصادي.
لا يمكن لعقل إداري أن يسير شركة طيران في عصرنا و لا يمكن لعقل قانوني أن يحل مشاكلها .. كفاءة رجال و نساء الإختصاص في التسيير و القيادة و التفكير الإستراتيجي و العملياتي و كذلك تغيير قواعد تسيير الشركات العمومية بتعيين مجالس إدارة ذات كفاءة عالية و تغيير قوانين حوكمتها بتحميل إداراتها التنفيذية المسؤولية كاملة و تفويضهم تفويضا تاما و إلغاء دور سلطة الإشراف و إلغاء هذا المفهوم المتخلف تماما من قاموس الشركات العمومية .. هذه الخطوات الأولى الضرورية للإصلاح و التي لم تتوفر إلى حد اليوم.