نرجعو لمشكلة الأجور في الوظيفة العمومية و مسألة كتلة الأجور.

1600 مليون دينار قيمة أجور الوظيفة العمومية كل شهر لما يقارب 700 ألف موظف. مستوى الأجور في الوظيفة العمومية تنجم تقول مقبول بالنسبة للموظفين الجدد (1200 دينار تقريبا) و هو أحسن بكثير بأجور الإنتداب في القطاع الخاص (معدل 700 دينار).

و لكن في المقابل هو أجر لا يتماشى مع السيرورة المهنية للموظف. المدير العام شهريتو 1900 د في المعدل (مع امتياز سيارة ووقود للمديرين العامين).

الفرق بين موظف جديد و موظف عندو أكثر من 25 سنة خدمة لا يتجاوز 700 دينار.. الشيء اللي يخلي الموظف في تونس كل عام يتعدى و يزداد فقرا.. بينما في القطاع الخاص الفرق بين أجر الإنتداب و أجر بعد 25 سنة تلقاه يقاس بالأضعاف (من 4 الى 6 أضعاف و ثما أكثر).

في الوظيفة العمومية، الترقية آلية، ما ثماش منظومة تصرف في المورد البشرية و حتى ملفات الخدمة في الإدارة موش متوفرة في أغلبية الوزارات (قليلة الوزارات اللي عندها تقييم الموظفين في حياتهم المهنية).

و بالطبيعة الوضع عذا يخلي اللي المسؤول لا ينجم يجازي و لا ينجم يعاقب و في الاعوام الأخيرة تفاقمت عقلية التسميات بالولاءات (و هي عقلية موجودة من قبل) اللي زادت عكرت الوضع للتصرف في الموارد البشرية.

النتيجة؟ ضياع الكفاءة و شعور بالإحتقان و اليأس و التسليم للرداءة و عدم التحمس للعمل و غياب المسؤولية في العمل. إلا من رحم ربك و هم قلة قليلة جدا.

و زادت عقلية "مسمار في حيط" عمقت هذا الشعور اللي يخلي ماثما حتى محاسبة ممكنة.

الإدارة التونسية يلزمها قبل كل شيء ثورة مفاهيم.. قبل ما نحكيو على منظومة تصرف عصرية في الموارد البشرية و في الأجور.. الوضع اليوم في الإدارة هو وضع البلاد في عديد الميادين : إصطفاف في الأدنى.

كتلة الأجور عالية (من أعلى المعدلات في العالم) و مستوى أجور متدني جدا (من أضعف المعدلات في العالم).

أين الخلل؟

هل ينتظر التونسيون إعادة كتابة للدستور اليوم؟

مضت إحدى عشر سنة على الثورة التونسية و كانت النقاشات العامة في كل هذه الفترة قانونية بالأساس : ثلاث سنين لكتابة دستور.. لم يقع تطبيقه بالكامل و لم يقع إستكمال المؤسسات الدستورية و لا منظومة اللامركزية و لا مؤسسات الحوار الوطني الإجتماعي و الإقتصادي.

كان رجال القانون الفئة أكثر تمثيلا ضمن الفاعلين السياسيين حكما و معارضة و لم تحض النقاشات الإقتصادية إلا بجزء يسير من إهتمامات الرّأي العام و الإعلام و كانت مختزلة غالبا في مناقشة فضول قوانين المالية. فغلبت على هذه النقاشات الصبغة الآنية و غابت الدراسات الإستشرافية و مناقشة مكان تونس في العالم المتغير الذي نعيشه و في كيفية خلق ثروة كافية و إدماجية و مستديمة و معالجة الإخلالات الهيكلية التي تحول دون ذلك.

لم نناقش ذلك إلى اليوم.. بل و حتى تشخيصنا لذلك ليس مكتملا. إداراتنا تعج بالدراسات التقنية و الميدانية و هي تحت غبار الخزائن المغلقة.

بلغت نسبة الفقر اليوم 15 بالمئة.. و هي تتجاوز 21 بالمئة لدى الأطفال التونسيين (مستقبل البلاد).، أما إذا أردنا معرفة نسبة العائلات التي لا تتوفر على مدخول 2500 د في الشهر فهي تتجاوز 80 بالمئة. شعبنا فقير و مفقّر يوما بعد يوم.. و قدرتنا الشرائية انخفضت ب40 بالمئة في عشر سنين.

نسبة الأمية 19٪ و الأمية المعرفية فوق 70 بالمئة و ترتيب منظومتنا التربوية في اواخر الترتيب العالمي.

نحن لا نحتاج دستورا جديدا على ورقة بيضاء، نحن نحتاج إصلاحا سياسيا يفضي إلى بناء عقد إجتماعي جديد يسمح لنا ببلورة مشروع وطني جامع نلتف حوله كلنا لتحقيق الرّخاء و تبوأ مكانة مرموقة في عالم اليوم.

و هذا ممكن جدا.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات