لماذا فشلنا و لماذا نفشل ؟

العقل السياسي التونسي لم يتحرر من ثقافة الإستبداد التي تمارس عليه و يمارسها هو بنفسه عندما يصل إلى الحكم و في كل المواقع صغيرة أو كبيرة.

لم يستبطن العقل السياسي التونسي الثقافة الديمقراطية في أبسط معانيها : الإستماع إلى صوت الشعب، قبول حكم الاغلبية، إحترام و قبول رأي الأقلية و الإنتقال السلمي للسلطة متى غير الشعب توجهه.

ثقافة الديمقراطية تقوم على النقاش العام بين الأطراف المتخالفة، نقاش عام ضروري من أحل وعي شعبي اكبر و من أحل إختيار افضل لأحسن برنامج عمل.

العقل السياسي التونسي (منذ الإستقلال) لا يؤمن بالمؤسسات، لا يؤمن بقضاء مستقل و خاصة لقضاة مستقلين و لا يؤمن بأمن جمهوري لا يخدم السلطة الحاكمة و لا يؤمن بإدارة محايدة عقيدتها خدمة المواطنين و الشأن العام.

و لذلك فنحن نتخبط في نفس المشاكل منذ عقود ولم نتقدم قيد أنملة في سبيل إرساء مؤسسات تمثل قوة تعديلية أمام السلطة الحاكمة و لها حصانة ذاتية ضد الإختراق و التوظيف و الإستباحة.

العقل السياسي لقيس سعيد ليس مختلفا عن سابقيه في هذه المسألة و لذلك فهو قتل السياسة بمفهومها النبيل : مفهوم التداول حول الشأن العام و أزال و محى كل الأجسام الوسيطة المنتخبة و غير المنتخبة و أزال قدرة المجتمع على التطور و حل مشاكله من خلال النقاش العام.

و صحيح أيضا أنه أمكن له ذلك لهشاشة هذه الأجسام و هشاشة الأحزاب و هشاشة المنظمات الوطنية و هشاشة المجتمع المدني و كذلك للوعي العام المتدني بقيم المواطنة و الحرية.

و لمن يعترض على هذا القول أطلب الإجابة على سؤال بسيط جدا :

لو -بعد عمر طويل- يقع شغور في منصب الرئاسة اليوم ؟ ماذا يصير ؟ هل يعقل أن يقبل عاقل بوضع يفتح أبواب جهنم على المجتمع ؟

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات