الرجوع إلى ما وراء الوراء.. إلى أتعس ما يمكن أن يوجد في الوراء إن وجد.

الحركة القضائية تثبت أن منظومة قيس سعيد ليس لها اي برنامج لإصلاح القضاء، برنامجها مثل من سبقها هو إستباحة المنظومة القضائية و تركيعها لكي تكون في خدمة أهواء و رغبات سلطة سياسية إستبدادية.

حركة قضائية كرست ظلما صارخا ضد قضاة وقع إعفاؤهم من عملهم من غير اي وجه حق بل كرست ظلما إضافيا بعدم قبول احكام قضائية من المحكمة الإدارية لإرجاع المعفيين ظلما إلى مراكز عملهم.

حركة كرست ظلما بإبعاد الأصوات المنتقدة لوزيرة العدل و للمسار الإستبدادي و بالحط من رتبهم و الظلم الأكبر و الذي يمثل وصمة عار في جبين هذه المنظومة بإعتبار التعيين في الجهات الداخلية لوطننا عقوبة يستحقها كل من خرج عن سلطة الحاكم بأمره. هذا وراء الوراء.

فها نحن نكتشف كل يوم عنصرا من عناصر العقل السياسي الحاكم في البلاد (إن صح عليه توصيف العقل). الإستبداد يصاحب في الغالب بالظلم و هذا الظلم أصبح صارخا.

لم نر أي إصلاح أو مشروع إصلاح للمنظومة القضائية. هناك مجلة إجراءات جزائية جديدة وقعت نهاية صياغتها منذ سنين بمشاركة واسعة كان هدفها تقليص الإجراءات و الحد من عدد الموقوفين مع الحد من الصلاحيات الفرعونية لحكام التحقيق و الحد كذلك من تدخل السلطة السياسية. هذا المشروع بقي في الرفوف الخلفية لوزارة العدل و لم يعد موضع حديث.

لقد فشل القضاة منذ الثورة في إصلاح منظومتهم و غلبت النزعة القطاعية الرغبة في الإصلاح، و لم تكن الأحزاب الحاكمة في الوراء آنذاك معنية حقيقة بتركيز منظومة قضائية عصرية و مستقلة ترجع الحقوق الى اصحابها و لا تظلم أحدا. هو فشل أجيال من السياسيين و كذلك من القضاة.

نعم رجعنا إلى الوراء بل تعديناه بمراحل.. من السذاجة القول أن لدينا مكتسبات غير قابلة للإستباحة. كل المكتسبات قابلة للاستباحة و أولها مكسب الحرية. و هذا هو المعنى الأول من إستباحة القضاء و تركيعه..

ضرب مباشر للحريات. و بإنتكاسة عنوانها الرعب المسلط على القضاة و الإرتفاع الخطير لمنسوب الظلم بكل اشكاله في البلاد.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات