سعيّد وعبوّ تهديدٌ مباشر للحريّة والدولة والسلم الأهلي

ولا بديل عن التسوية التاريخية** على قاعدة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية إلاّ الاحتراب الأهلي.

من أسباب بقاء سقف الحريّة عاليا في بلادنا منذ 2011، قابلية النخب الوطنية الفاعلة لتنازلات متبادلة حينما تحتدّ خلافاتها وتصبح مهدّدة للدولة والبلاد والسلم الأهلي. ولذلك شاهد في منعرج 2013.

بلادنا منقسمة هوويا واجتماعيّا حتّى لكأنّنا بإزاء مجتمعين (نمطين) تحت سقف دولة واحدة، ولا مستقبل لأجيالها ودولتها إلاّ بتسوية تاريخية على قاعدة الديمقراطية بما هي إعادة توزيع للسلطة بالاختيار الشعبي الحر والعدالة الاجتماعية بما هي خروج عن "منوال الريع" وتوزيع عادل متدرّج للثروة والرفاه بالتنمية المحلية المستدامة والتوازن بين الجهات.

وقد كانت 2014 فرصة لهذه التسوية التاريخية، بين القديم والجديد، ولكن تمّ إجهاضها بتجربتين متزامنتين متوازيتين: تجربة التوافق التي كانت بشروط الباجي المنتصر وتحت سقف المنظومة الديمقراطية وما نتج عنها من قانون المصالحة الفضيحة، وتجربة العدالة الانتقالية المجهضة من قبل رئيسة الهيئة وورعايتها للجنة التحكيم والمصالحة المساوِمة المتَّهمَة بملفات فساد.

في تقديري، كلّ النخب السياسية والثقافية والاجتماعية مهما علا صوتها وتجذّرت خلافاتها قابلة للتنازل من أجل تونس، باستثناء قيس سعيّد ومحمّد عبو. الأوّل بموقعه في أهمّ الدولة من خلال سياسة التعطيل والتعفين والثاني بـ"تطوّره" من الوظيفية إلى تبنّي خطاب الفاشية ولكن بانتحال خطاب الفاشية كاملا ولكن بأقل "شجاعة" و"شهامة" من الفاشية القبيحة نفسها.

توجد لواحق لهاتين الشخصيتين، ولكنهما تمثلان تهديدا مباشرا للدولة والحرية، ولولا عجزهما لكانت السلم الأهلي والدولة في خبر كان (تشهد ذلك وثقية الانقلاب الدستوري).

ليس صدفة ما تزامن أمس من تهديد للناس ولحرياتهم وتوبيخ لرموز الدولة (حتى وإن اختلفنا معهم وطالبنا باستقالتهم) في الصفحة الرسمية، ومن أكاذيب وتلبيس وتفتين على قناة التاسعة التي صارت غرفة عمليات مضاءة لما يخطّط في الغرف المظلمة. وقد استضافت صاحب كتاب "ضدّ التيار"، بمناسبة إصدار كتابه، ولكن لم يكن هناك حديث عنه إلاّ عرضيا ولا تقديم له، إلاّ إذا كان ما قاله كاتبه في بلاتو التاسعة هو مضمون الكتاب.

عندها يكون أجدر به أن يغيّر عنوانه إلى "ضدّ الديمقراطية" أو "مع الانقلاب" أو "ضدّ نفسي".

لم أكن أصدّق ما يقوله فيه رفاقه في قيادة حزب المؤتمر في 2012، ودافعت عنك (رغم أنّ صوتي لم يكن مسموعا، ولا ذا قيمة بين جهابذة كثيرٌ منهم بلا سيرة سياسية)، ولكنّه اليوم ينزلُ تحته بدركات سحيقة باتجاه الهاوية.

لا بديل عن التسوية التاريخية على قاعدة الديمقراطية إلا الاحتراب الأهلي. هذا رأيي، يلزمني وحدي…وهاني هْنِي ( كما ينطقها أهلي)…

**كتبنا نصوصا مطوّلة وورقات عديدة عن "التسوية التاريخية" وشروطها، وخطوتها الأولى "حوار وطني فعلي شامل" مشروط بالديمقراطيّٰة واستكمال مسارها.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات