لا أفق إلاّ بالتراجع عن "الإجراءات الاستثنائية" والعودة إلى مرجعية الدستور والمنظومة الديمقراطية…

1

الخطر الداهم يستدعي تظافر مؤسسات الدولة وتكاتف السلطات الثلاث وليس شلّ ثلثيها: الحكومة والبرلمان. وشرط مواجهة الخطر الداهم توحيد الشعب وقواه ودعم قدراته على مواجهة الخطر وتأجيل الخلافات وليس تقسيمه إلى أخيار وأشرار.

أكثر من أسبوع: برلمان مجمّد تقف دبّابة على بوابته (فضيحة)، وحكومة مقالة لا يعرف مصير رئيسها (فضيحة أكبر)، ويعجز من بقي من وزرائها عن تصريف الأعمال، في ظلّ تسميات بالنيابة عشوائية خارج كل سند دستوري أو قانوني.

2

بعض الذين ميزوا بين المسألة القانونية والضرورة السياسية ليبرروا اصطفافهم وراء الانقلاب لا يستطيعون الإدلاء بمؤشّر واحد على إمكانية الشروع في إيقاف النزيف والانهيار (وهو أكبر مبرر عندهم للانقلاب) وليس بإمكانهم إنكار أنّنا خرجنا من أزمة مركّبة طاحنة إلى مأزق دستوري وسياسي خطير ومفتوح على المجهول:

- تعطّل مؤسسات الدولة،

- رئيس جمهورية بلا خطة ويجمع السلطات الثلاث بين يديه (فضيحة أشنع في حق من يتنازل من الديمقراطيين والحداثيين عن مبدأ الفصل بين السلطات) ،

- انقسام شعبي حادّ، شق عميقا المؤسسات والنخب ليصل إلى العائلات (واجه الأب ابنه، والشقيق شقيقه).

- وباء يحصد الأرواح بلا خطة مواجهة فعلية، إلا من جهد جنود الجيش الأبيض بلا سند فعلي…

- أزمة مالية خطيرة ومواعيد دولية لتعديلها معطّلة، وشركاء لا يقبلون بغير شريك ديمقراطي.

- تدخّل خارجي في شأن البلد بحجة المساعدة على الخروج من هذا المأزق، سواء ممن يدعم الانقلاب أو ممن يناهضه.

هذا عبث وتدمير لما بقي من الدولة، وفتح الأبواب مشرعة على الانهيار الشامل والاحتراب والتدخّل الأجنبي واليأس من تونس.

3

يكشف الانقلاب في أسبوعه الثاني أنّه استثمار سياسي عابث في الأزمة الخانقة وقد كان جزءا فاعلا فيها من خلال سياسة التعطيل والتعفين على مدى سنتين.

استثمار شعبوي بلا رؤية يهدد استمرار الدولة ووحدة الشعب، ولا يمكن أن يكون مقدّمة للخروج من الأزمة. والخروج المأمول لن يكون إلا بحكومة الأمر الواقع تملأ الفراغ المؤسسي المفزع الذي تولد عن الانقلاب(بمهمتين: مواجهة الوباء والأزمة المالية، هكذا ينصح الشركاء) بمصادقة البرلمان وبحوار وطني شامل من داخل المؤسسات المنتخبة وتحت سقف الدستور والمنظومة الديمقراطية التي بنتها الثورة وفي مقدمتها البرلمان المؤسسة الأصلية…كل ذلك بأفق انتخابات سابقة لأوانها بعد إرساء المحكمة الدستورية وتنقيح القانون الانتخابي...وبذلك تنطلق إعادة بناء النظام السياسي الديمقراطي في ظل الاختيار الشعبي الحر.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات