سيبونا يرحم بوكم

Photo

"الصراع مع الإسلام" لا يخرج عن عمليّة التحديث التي عرفتها بلادنا. وهو في كلّ الأحوال "فتح للمغلق" سواء كان تعريفًا بأصالة الجديد الحداثي أو هو تنبيه إلى جدّة القديم التراثي. أمّا "الصراع على الإسلام" باستعادة تجاربه في الانتظام الفِرَقِي المتخيّلة فهو لا يخرج عن "فتح المفتوح". وهو ردّة شاملة في السياسة والأخلاق والعواطف.

صراع إسلامي/علماني عمليّة تحديث وتقدّم أيّا كانت حدّته ونتائجه وهو صراع سياسي تقدّمي بأدوات الفكر والثقافة والذوق. ومحركه ابتداع نماذج مستقبلية في الانتظام والمواطنة والأخوة الإنسانية.

أما صراع سنّي/شيعي فهو عملية تدمير وتخلّف، وهو صراع مذهبي ثقافي وجداني بأدوات السياسة ومحركه الارتداد إلى هوية انتظام متخيّلة من الماضي، لا تتطابق حتى مع التاريخ المُستدعَى. ولا أفق لهذه "الطائفية المتخيّلة" مهما تلبّست بالمهام الوطنية ومقاومة الظلم وتحرر الشعوب.

مع شيء من الانتباه يمكن أن نكتشف أن "الصراع مع الإسلام" بمنوال مواطني يتطور رغم تعثّره إلى "صراع على الإسلام" بمعنى تجديد الدين وتبيئة الحداثة، وأن "الصراع على الإسلام" بمنوال مذهبي يتطور إلى "صراع مع الإسلام" بمعنى طمسه وإظهار أسوأ ما في "تاريخيته" وأردأ ما "تجاربه في الانتظام".

لا دور للمتصارعين على الإسلام بالمنوال المذكور إلا فتح المفتوح، وتقسيم المقسّم، وهدم القليل الذي بُني.

ما يعرفه لبنان والعراق من ثورة على الطائفية المتخيّلة /الفساد (الطوائف منها براء) بمنوال مواطني كنا منطلقه، لا يسمح بأن نجرّب المجرّب ونرتدّ أسفل ما نبّهنا شعوب المجال العربي إليه: المواطنة الكريمة.

فالبعد الديني والمذهبي والإيديولوجي قناعة فردية قد يجتمع حولها الناس في إطار محدود لوظيفة محدودة، ولا رابطة تشدّ الجميع إلى الدولة إلاّ المواطنة. الدولة لا دين لها الدين للمجتمع، فالدولة لادين ولا مذهب لها ولا إيديولوجيا، الدين والمذهب والإيديولوجيا قناعات في المجتمع يغنيها الناس بحرية وتعارف متبادل في إطار القانون ورابطة المواطنة.

خلونا في الصراع مع الإسلام يرحم بوكم، لين يفرّج ربي، ويختار المجتمع بحرية ما يراه صالحًا له...بما فيها الخروج من كل شيء…

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات