خسرنا المعركة ضد الوباء

Photo

وانفراط العلاقة بين القرار السياسي والقرار الطبي سبب الهزيمة. لا مجال للمقارنة بين الشروط التي تمت فيها مواجهة الموجة الأولى من الكورونا وشروط مواجهة الموجة الثانية الحالية.

في الموجة الأولى كنّا أمام حكومة سياسية نجحت في أن توحّد بين القرار الطبّي والقرار السياسي. وهذا سر النجاح حتّى عُرفت بلادنا بنموذجها الناجح في كسر الوباء.

فكانت معركة طبيّة سياسية. وكان العبارة الأكثر تداولا هي "الحرب على الكرورنا". كانت حربا حقيقية نجح الفريق السياسي في استنهاض كل القدرات الطبية الكامنة من مخابر واختصاصيين وأساتذة وإطار طبي وشبه طبي، إلى جانب المؤسستين الأمنية والعسكرية والحماية المدنيّة والمتطوّعين...وكان النجاح الاتصالي الطبي والسياسي الباهر عامل طمأنة، فكانت النشرات اليومية على قدر كبير من الدقّة التي تحمل معها ثقة في النفس لها تأثيرها العجيب على الناس وعلى درجة امتثالهم للتعليمات من حجر وطرق وقاية، رغم بعض الاضطراب هنا وهناك.

بدأ الانحراف، بعد شبه الانتصار المسجل على الكورونا وتحقيق صفر إصابات وبداية رفع الحجر الموجه. وتحديدا مع تفاقم الخلافات داخل الائتلاف الحكومي واحتدام التجاذب حول ملف تضارب المصالح وشبهات الفساد المتعلقة برئيس الحكومة. ويتحمّٰل رئيس الحكومة المسؤولية الكبرى في ضرب انسجام القرار الطبي والقرار السياسي بعزل وزير الصحة ورفاقه من ووزراء حزبه.

ومعه ومع شبهة تضارب المصالح كشف إلياس الفخفاخ عن وجه بشع. إذ لا يوجد مبرر واحد يسمح له بما فعل. حتى وإن كان تفكير البعض في سحب الثقة منه. وهو الأمر الذي ظهر بعد عزل الوزراء المذكورين وليس قبله كما تثبته الوقائع بتواريخ دقيقة. ثمّ كان تاريخ 27 جوان وقرار فتح الحدود، والتلاعب بتصنيف الدول في علاقتها بالوباء (موضوع الألوان) تحت ضغط لوبيات سياحة بدعوى إنقاذ الموسم السياح.

مع الحكومة الجديدة حكومة الكفاءات والأطوار التي عرفتها وما صحبها من تطاحن في أعلى مؤسسات الدولة، وما كان من خرق لصريح الدستور وتجاذب مقيت بين الأحزاب البرلمانية أفشل العزائم وبعثر الجهود وأربك الأولويات، تفاقم الوضع، وكان الطلاق بين القرار الطبي والقرار السياسي المشوّش. واضطربت الصفوف ولم تعد هناك قيادة حقيقية.

ولا بروتوكول صحي واضح، ولا خطة اتصالية وظهور منظم وتقارير دوريّة عن الحالة الوبائية وعن مراحل الوباء الذي بلغ درجته الثالثة ومرحلة العدوى الاجتماعية والانتشار الأفقي وارتفاع لمعدل الإصابات اليومي ولعدد الوفيات…وكان ظهور الوزير ضعيفا اتصاليا، خاليا من كل روح مواجهة. ممّا أشاع شعورا عاما بالخوف وباليأس، وأنّٰ الناس متروكة لشأنها، وأنْ ليس للحكومة والدولة ما تفعلانه، في مواجهة الوباء القاتل والأزمة الاجتماعية المخيفة.

الموجة الثانية كانت متوقّعة، ولكن لم يكن متوقعا أن تواجه بهذا الضعف وهذا الاختلاف وغياب الخطة والقيادة السياسية الطبية، وغياب الثقة بين من وجب أن يوحّدهم الوباء الزاحف. فالجندي الذي لا يثق في زميله الذي يقف إلى جانبه، أو يشك في قدرة قيادته وحماسها وإخلاصها لا يمكنه أن يربح الحرب.

نتجه إلى خسارة المعركة أمام الوباء، وليس لنا إلاّ أن نحصي ضحايانا ونستقبل ما سيكون من وضع اقتصادي اجتماعي كارثي غير مسبوق.

أيّ عبث هذا ……؟!! وهل من إمكان للتدارك؟

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات