ما نيش مسامحة…

الدولة الوطنية مسامحتها دنيا وآخرة لأنني عمري ما آمنت بها..ونعرف أنها مشروع كولونيالي تحول بعد تصفية دولة الاستعمار الى كذبة كبيرة أعاد إنتاجها بورقيبة لتحنيط المجتمع داخل قوالب جاهزة. خدمة لمصالح فئة من الوطنيين الخونة والمرتزقة وكلاب السوق.

لكن الي موش مسامحتهم هم: الناس بجميع اصنافهم وفئاتهم ومستوياتهم : المستهترين والطز حكمة والمستثمرين في الألم الذين عرّضوا حياتنا للخطر... زعماء نظرية المؤامرة والمتواكلون على الله والأنانيون والفردانيون والوظيفيون.

كلاب السوق المتهارشون من أطباء وأصحاب مصحات خاصة وأصحاب مخابر تحاليل وصيادلة وشركات صناعة الأدوية... والغوغاء و الأغبياء وقلال المروءة من نقابيين وبرلمانيين ورجال تعليم الذين لم يُنصتوا إلى صوت العقل ولم يحكّموا ضمائرهم وتعاملوا مع الوباء باستخفاف الجاهل واستهتار عديم الضمير.

فكانوا سببا في انتقال العدوى إلى المئات من ذويهم ومنظوريهم وأصدقاءهم وتسببوا في موت ناس بذلوا من الجهد والحرص ما كان كافيا ليُحيل بينهم وبين الموت لولا استهتار أشباه الآدميين.

اليوم صديقتي فاتن مبارك فقدت والدها رغم ما بذلته من جهد لتحمي عائلتها من الفيروس اللعين الذي تسلل إلى بيتها دون علمها. لا تدري إلى حدّ الآن من أي النوافذ دخل ليسرق والدها. ويتركها طريحة الفراش هي ووالدتها وبعض من أفراد العائلة.

اليوم صديقي جعفر الفاهم انتقل إلى رحمة ربه وانا اعلم حرصه وحذره والتزامه بالبروتوكول. لكن احدهم جلب له العدوى وبصق في فنجان حياته فأرداه قتيلا.

منذ مدة سيدة مسنة لا تخرج من بيتها ولا تختلط بغير احفادها اصابها الوباء اللعين فماتت لأن "عضروط" من العضاريط يرفض الالتزام بالبروتوكول وبالنسبة إليه الكورونا كذبة. والستار ربي وما فمة شيى. ويزوا من الخوف.

في توزر شخص صاحب وجاهة يقول للناس " لا كورونا ولا سيدي زكري الدولة عندها حاجة تحب تعملها ويلزم الناس تشد ديارها باش ما يفيقوش بها...." والناس صدقته. ورفضت تشد ديارها ورفضت تلتزم بالتباعد.

شباب يزطّل وكهول تسكر من زبيبة ونساء ما تطيقش الحبسة في الدار وتعلمت بالميعادات والحمامات والأعراس ... ومثقّفو الليل والسهريات والعرابنية وجماعة التلافز متاع التنشيط والتهريج والعبث.... تسببوا في موت الأبرياء وفي انتشار الوباء واوصلونا إلى ما نحن عليه اليوم.

ما نيش مسامحة.

لا نزال poussière d'individus... الدولة لوطنية الحديثة" اسمنت مكوناته ضعيفة وسريعة التحلل" . لم نكن يوما مجتمعاً متجانسا تديره دولة مأسسة على منظومة قيم بعمق ثقافي وتاريخي.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات