دفاعا عن " هرمنا "

Photo

قالها ذات يوم بصوت متهدّج تخنقه العبرة رجل طيّب سمح المحيّا وهو يمسح الشّيب الذي اشتغل برأسه " هرمنا من أجل هذه اللحظة التّاريخيّة " فكانت إحدى جمل الثّورة التي أعلنت عن بداية مرحلة تاريخيّة فارقة في تاريخ البلد …

يستعيدها اليوم ذاك المتوشّح بالسّواد بسحنته الرّصاصيّة ووجهه المتجهّم وصوته المتشنّج وهو يعلن عن لحظة متخيّلة تعبّر عن أمنية في نفسه ولا تنقل أيّ واقعة أو حدث أو لحظة في الزّمن الرّاهن ... لحظته التّاريخيّة التي هرم من أجلها لعلّه انتظرها ومن فرط شوقه لتحقّقها توهّمها واقعا وواقعة ولحظة فارقة …

هرم وسيشبع هرما حتّى يرى سقوط تيّار اجتماعيّ واحتضاره في هذا بلد بذل من أجله الشّهداء والتّضحيات ومعاناة الأجيال ... ربّما أخطأ هذا التيّار وفشل في مهامّه كليّا أو جزئيّا فيسحب منه الشّعب ثقته وينفضّ من حوله ... لكنّه لم يقتل ولم يسرق ولم ينهب ولم يمارس فسادا أو استبدادا ... رغم كلّ القصف الإعلامي واستهداف الخصوم لم يدنه القضاء بشيء من هذا رغم تعاقب أهل الحكم ...

فأيّ معنى للهرم من سقوط موهوم لم تقرّره إرادة شعبيّة أو سلطة قضائيّة، فقط تبشّر به الأرملة السّوداء سليلة منظومة الفساد نافثة السّموم ناشرة الأحقاد ... التقى السّواد بالسّواد وتعاهدا على نشر الكراهية والتّبشير بعودة " القديمة " بعد أن أسقطها الشّعب في ثورة نظيفة شريفة رغم كلّ المحاولات البائسة اليائسة لاتّهامها في عذريّتها وشرفها ...

هرمنا لن تنكص على عقبيها ولن ترتدّ على أدبارها ولن تكون عنوان ردّة وسقوط ... ستبقى إعلانا عن لحظة تاريخيّة فارقة ... لحظة وعي متقدّم رغم كلّ مظاهر التردّي والانحطاط والتّدهور في اللحظة الرّاهنة ... لحظة هرمنا التي عبّر عنها ذلك الرّجل الطيّب بكلّ تلقائيّة الشّاهد على العصر لحظة فارقة لن يعود معها التّاريخ إلى الوراء مهما حاول البعض في الدّاخل والخارج سرقة تلك اللحظة عبارة ومدلولا ...

هرمنا من أجل تلك اللحظة التّاريخيّة ... ولكن وراء الهرم شباب متيقّظ متّقد ورغم كلّ محاولات تزييف الوعي لن يجعل تلك اللحظة التي هرمنا من أجلها تسرق منهم ومن وطنهم ...

ألم يتغنّوا دائما بذاك النّشيد:

مــوطــنــي، مــوطــنــي
الشباب لن يكلّ همّه أن يستقـلّ أو يبيد
نستقي من الـرّدى ولن نكون للعــدى
كالعـبـيـــــد، كالعـبـيـــــد
لا نريــــــد، لا نريــــــد
ذلّنا المؤبّدا وعيشنا المنكّدا
ذلنا المؤبدا وعيشنا المنكدا
لا نريــــــد بـل نعيــــد
مـجـدنا التـّليـد، مـجـدنا التّليـد
مــوطــنــي، مــوطــنــي

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات