الأصل والصّورة !

Photo

تعرّض عشرات الآلاف من النّساء في تونس على امتداد عقود لانتهاكات جسيمة بسبب ارتدائنّ الخمار، حيث منعن من العمل والدّراسة وحتّى دخول المستشفيات للعلاج أوالولادة أو زيارة مريض، ولاحقهنّ اعوان البوليس على أبواب المؤسسات العمومّية و في الطّريق العامّ ونزعوا الخمار من فوق رؤوسهنّ بالعنف ،

كما وقع أيقافهنّ في مراكز الشّرطة وفرض عليهنّ تحت التّهديد والتّرهيب إمضاء التزام بعدم ارتدائه وتعرّض العديد منهنّ للتّعنيف والعنف اللفظي والتحرّش الجنسي والاغتصاب وأودع العشرات منهنّ السّجون ووقع تحريض سجينات الحقّ العامّ المنحرفات للتنكيل بهنّ ،

ومع ذلك لم يجدن في المنظمات النسائيّة والحقوقيّة العريقة سندا معنويّا ورمزيّا كالذي نراه اليوم في نيو زيلاندا حيث أصبح ارتداء الخمار شكلا من التعبير عن المساندة والاعتراف بالحقّ في الاختلاف، بل اغتنم الكثير من ممثّلات وممثلي تلك الجمعيّات العريقة الفرصة للنّكاية بهنّ وشيطنتهنّ وتحريض السّلطة عليهنّ ودفعها لمزيد تضييق الخناق على عموم المحجّبات وهرسلتهنّ .

ارتداء نساء نيوزيلندا الخمار كتعبير عن المساندة لم يكن بسبب العمليّة الإرهابيّة في حدّ ذاتها بل بسبب امرأة نيوزيلنديّة مسلمة عبّرت في الإعلام عن خوفها من استهداف حياتها إن هي سارت في الطّريق العامّ بخمارها ، فكان هذا الارتداء الجماعيّ الطّوعيّ للخمار من طرف عموم نساء نيوزيلندا ونساء الطبقة السياسية والإعلاميّات ... رسالة طمأنة لها ولمواطناتهن مرتديات الخمار مضمونها " لستنّ وحيدات نحن معكنّ … أنتنّ نحن " ، ورسالة للعنصريين والنّازيين الجدد أن تعالوا فجميعنا نرتدي الخمار،

هذا هو الفرق بين الأصل النّاصع النقيّ للنّسويّة والمدنيّة والحداثة وتعزيز قيم المواطنة لديهم، والصّورة المستنسخة المزيّفة الهجينة المشوّهة لدينا …

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات