مسلمون لا إسلاميّون !

حتّى في هذه الليلة المباركة أبى رئيس الدّولة إلّا أن يفرّق ولا يجمّع ... غمز وهمز سياسيّ في محراب الجامع الأعظم في ثنايا خطاب دينيّ انتهى إلى أبلسة فئات من الشّعب لم يعيّنها …

ثمّ في تجنّ على اللغة والتّاريخ يميّز بين المسلم والإسلاميّ موقعا من يخاطبهم في نفس الإلتباس الذي أحدثته صراعات السياسة وتجاذباتها ، كأنّ إسلاميّ ليست نسبة مشتقّة من الإسلام رغم محاولة احتكار هذه النّسبة من طرف يعتبرون أنفسهم الإسلاميين وحدهم ...

لم يطلق الإسلام على معتنقيه وأتباعه تسمية الإسلاميين أي أتباع دين الإسلام وإن كان ذلك يصحّ لغة ولا غبار عليه لأنّه أراد وصفهم بمضمون الاتّباع وروح الاعتناق نفسه وهو أن يسلموا أنفسهم للّه وينقادوا إليه انقياد المؤمن الواثق في ربوبيّته، وهم بذلك ولأجله عدّوا مسلمين وهذا جوهر الإسلام وروحه ، لذلك سمّاهم المسلمين باسم الفاعل لا المصدر " أسلم يسلم إسلاما فهو مُسْلِم ... "

ولم يمنع هذا من إطلاق صفة الإسلاميين في مدوّنة التّراث الإسلاميّ على المسلمين وفرقهم ومذاهبهم واجتهاداتهم وتأويلاتهم ، نذكر على سبيل المثال كتاب مقالات الإسلاميين واختلاف المصلّين لأبي الحسن الأشعريّ 260 هـ 324 هـ الذي يُعتَبَر إمام المذهب العقائديّ الرّسمي للتّونسيين منذ قرون ...

ويقصد الأشعريّ بالإسلاميين مختلف المنتمين إلى المدارس والمذاهب والفرق التي تدين بدين الإسلام أو اتّخذت الإسلام مرجعا لها في عقيدتها وسلوكها ومنهج حياتها ...

وعلى فرض وجود من يريد احتكار هذه التّسمية وصبغها بفكره وتأويلاته على غرار كلّ من يريد احتكار تسميات إخرى من قبيل " السّلفيين والوسطيين والدّيمقراطيين أو التنويريين أو الوطنيين ... " فلا يجب أن تصبح هذه التّسمية وصما سياسيّا أو مبعثا للاشمئزاز بشكل يميّزها عن جذرها " الإسلام " أو يوحي أنّ الإسلاميّ ليس مسلما والمسلم لا يمكن أن يُسمّى بنسبته للدّين الذي يعتنقه ...

عبارة " الإسلاميّون " ليست من الألفاظ الشرعيّة رغم صحّتها لغة، ورغم تواتر استعمالها في المدوّنة التراثيّة لم يطلقها المسلمون على أنفسهم ولم يصطلحوا على تسمية أنفسهم بها في علم الكلام ، بل أطلقها عليهم الاستشراق كترجمة حرفيّة لعبارة إيسلاميست islamiste في مقابل موزولمون musulman في تمييز موجّه بين المسلم العقائديّ التّقليدي والمسلم الحركي الذي يريد تطبيق أحكام الإسلام في المجتمع …

ومهما كانت سياقات القول وملابسات التّاريخ فلا يترتّب عن ذلك اعتبار صيغة النّسبة إسلامي سواء تعلّقت بالأفراد، أو الجماعات، أو الفكر أو أيّ ما يمكن أن ينسب للإسلام أمرا مثيرا للرّيبة والإنكار والاستنكار وداع للتبرّؤ ...

مسلمون أو إسلاميّون المهمّ أنّها مشتقّات من نفس الجذر للدّلالة على منهج حياة عنوانه الأبرز ما ورد في حديث النبيّ الأكرم " المسلم من سلم النّاس من لسانه ويده "

رمضان مبارك للجميع نسأل الله أن يؤلّف فيه بين قلوب أبناء الوطن ويطهّر أفئدتهم وألسنتهم وأيديهم ويرفع عنهم البلاء ... ويتقبّل طاعاتهم وصالح أعمالهم …

" رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ " الممتحنة 4

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات