عبد الحميد الجلاصي: رجل الماكينة يترك الماكينة …

Photo

استقالة قياديّ بهذا الحجم من حزب يفخر بوحدته ويرفع منذ عقود شعار "حقّ الاختلاف وواجب وحدة الصفّ" دليل على عدم وجود أحزاب عصيّة عن الاستقالات والانشقاقات والتفكّك بل حتّى الانهيار، مهما كانت مرجعيّاتها وخلفيّاتها،

مكّنت المرجعيّة الدينيّة وسياقات القمع زمن الاستبداد هذا الحزب من امتصاص خلافاته الدّاخليّة وتطويقها وتصريفها، لكن زمن الحريّات يكشف مواطن الخلل ويوسّع دائرة الاحتجاج والأمل في الإصلاح أو اليأس منه،

لقد كنّا دائما نردّد أنّه لا يمكن بناء حياة سياسيّة ديمقراطيّة بدون أحزاب ديمقراطيّة، ونقصد هنا الدّيمقراطيّة الفعليّة لا الشكليّة،

لا نعرف السياقات الحقيقيّة للاستقالة ولم نقرأ بعد نصّها ولكن نعرف أنّ هذا الحزب شاخ وهرم ويحتاج دماءً جديدة تتدفّق في شرايينه مقابل حالة التجلّط والاحتباس الجيليّ الذي يعيشه منذ عقود،

التّداول سنّة كونيّة في الطبيعة والتّاريخ والاجتماع البشريّ وكلّ منع لهذه السنّة الحتميّة اعتداء على طبيعة الحياة والعمران البشريّ وقوانين البقاء والتجدّد،

والسّلطة المطلقة مفسدة مطلقة تفضي إلى الظّلم والظّلم مؤذن بخراب العمران، لطالما ردّدنا أنّ الحركات الاجتماعيّة حاملة الأشواق والمبادئ والمثل لا تؤتى من خارجها بل من داخلها من خلال سوء إدارة شؤونها وتسلّط البعض على رقاب البعض وشيوع الانتهازية والغنائمية والتسلّق والتملّق والنّزعة الذّرائعيّة،

وهذا ينطبق على كلّ الحركات والجماعات التي تحمل سرديّة أو مشروعا أو برنامجا لإدارة الشّأن العامّ وتعيش مخاضات التحوّل الدّيمقراطي أو التحوّل إلى أحزاب إداريّة وظيفيّة أو التفكّك والاضمحلال، والاستبدال بقوم آخرين.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات