التّحرير في مواجهة ثقافة البرافدا

Photo

أحيانا تحجم عن التّعبير عن رأيك تجاه عدد من قضايا الشّأن العامّ خشية التّصنيف والوصم ... سواء من هذه الجهة أو تلك ... وأنت إن اخترت ممارسة حقّك في حريّة إبداء الرّأي في المسائل الخلافيّة وجدت نفسك موصوما ومحلّ اتّهام وتشنيع من اليمين واليسار على حدّ سواء ... فتقرّر أن تواصل ممارسة حقّك غير عابئ بهواة التّصنيف وإسناد شهادات الحياد والمصداقيّة …

القضيّة التي اخترت لها الدّيباجة أعلاه هي تنقيح المرسوم 116 وما تبعه من سجال وصل حدود الهستيريا في التّشنيع على من اقترحه وترذيلهم …

بالاطّلاع على مضمون التّعديل المقترح تساءلت لو كانت جهة المبادرة من هويّة سياسيّة أخرى ولو كانت التّوازنات والسياقات السياسيّة مختلفة هل كانت ردود الأفعال ستكون هي نفسها وبنفس الحدّة؟

كنت أتصوّر أنّ تحرير الإعلام وتنظيمه وفق تعاقدات مقنّنة تضبطها كرّاس شروط مثل كلّ الأنشطة الاقتصاديّة ويخضع لسلطة القانون وهيئات الرّقابة ... كنت أتصوّر أنّ ذلك سيكون مطلبا ثوريّا يندرج صلب مطلب التحرّر وكسر القيود الاستقطاب والاحتكار والوصاية والمحاباة والمحسوبيّة وفتح الباب للمنافسة في الإبداع وتطوير هذا المجال ... بل كان يفترض أن يكون هذا الخيار مطلبا جماعيّا لمن نضلوا من أجل حريّة الإعلام ومواجهة تكميم الأفواه وتكبيل الاستثمار في هذا القطاع …

نعم لتحرير الإعلام مخاطر ومحاذير ومخاوف مشروعة يجب مواجهتها والوقاية منها وضبط الإجراءات المشدّدة بالشّكل الذي يحمي من الاختراقات والتّوظيف والاستقطاب ... لكن مهما كانت هذه المحاذير والتخوّفات لا يجب أن تدفع لبقاء الإعلام تحت وصاية إكليروس البرافدا الذي يسند صكوك الغفران الإعلامي باحتكار الإجازة ...

استغرب أن يكون دعاة التحديث والحريّة في صفّ مقاربة رجعيّة محافظة متكلّسة للإعلام مع إطلاق صيحات الفزع والخوف والتّخويف من خيارات آتية لا محالة ولن تصمد مقاربات المحافظة طويلا أمام تسارع نسق تحرير الإعلام والاستثمار فيه …

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات