فلّوجتنا " : من بابها لمحرابها ... !!!

الفلّوجة لغة: هي الأرض الخصبة الصّالحة للزّراعة التي تتفلّج لنزول الأمطار فتنبت وتثمر …

جغرافيّا: هي مدينة عراقيّة من محافظة الأنبار تضمّ عشائر عربيّة ضاربة في القدم وتكنّى بأمّ المساجد أو مدينة المساجد لكثرة مساجدها .

وهي مدينة المقاومة منذ الاحتلال البريطاني ... وزمن حكم صدّام ... وكانت رمزا للمقاومة العراقيّة زمن الغزو الأمريكي للعراق ودفعت في سبيل ذلك كلفة ثقيلة …

هي مدينة تختزن كلّ القيم العربيّة والإسلاميّة والعشائريّة الأصيلة وتتكثّف فيها كلّ المرجعيّات القيميّة والرّمزيّة …

أمّا " فلّوجتنا " فهي أرض بور وشخصيّة مسخ مهزومة مأزومة ... تعطي الانطباع أنّنا مجتمع دون مرجعيّات repères قيميّة ... شبابها تائه مطحون يبحث عن ذاته ويخوض تجاربه بمفرده دون سند أو مرجع نظر يعود إليه ... ليت الأمر اقتصر على غياب المرجع بل تعدّاه إلى فساد المرجع نفسه وسقوطه أخلاقيّا :

" الدّولة ممثّلة في أمنها / المؤسّسة التربويّة بإدارتها وقيّميها وأساتذتها وعملتها / العائلة آباء وأمّهات ... " جميعها جزء من منظومة الفساد القيمي وانهيار الأخلاق وتهاوي المرجعيّات بما صدر عنها من جرائم أخلاقيّة : " خيانات زوجيّة / زنا / مخدّرات / تحرّش/ خمر / تستّر على جرائم / نفاق / ازدواج معايير / استقواء بالسّلطة / عنف / استهتار / انتهازيّة / غشّ ... " لذلك فقدت صفتها المرجعيّة وموقع القدوة والسّلطة الأدبيّة التي يفترض أن يتمثّلها الشّباب لتكون له نموذجا ومثالا في حياته ...

حتّى الشخصيّة التي أريد لها أن تمثّل المرجع الدّيني فقد كانت سلبيّة متناقضة مع ثوابت مرجعيّتها الدّينيّة باعترافها وتصرّفت بشكل مخالف للقانون وأحكام الدّين " إيواء فتاة قاصر ومساكنتها ... التستّر على حملها خارج إطار الزّواج تحت عنوان السّتر ... الكذب على والديها ومغالطتهما وإخفاء الحقيقة عنهما رغم علمه بمعاناتهما ومعايشته اليوميّة لهما ... "

أمّا الشّباب التلمذي الذي يعيش فترة المراهقة وبناء الشخصيّة فمتروك في العراء والفراغ والعزلة ليخوض مغامراته الفرديّة في غفلة أو إهمال أو انسحاب أو سوء فهم وانعدام رعاية نفسيّة وحوار من طرف المؤسّسات المرجعيّة خاصّة العائلة ... لينتهي به الأمر إلى الانحراف والدّخول إلى عالم الجريمة والانتحار تحت تأثير المخدّرات والفراغ الروحي والعلاقات العاطفيّة الفاشلة والاغتصاب والهستيريا والسّجن ...

حالات فرديّة موجودة في واقعنا سواء قلّت أو كثرت... لكن تجميعها في عمل دراميّ وتكثيفها بهذا الشّكل المأساوي هل يحمل رسالة فنيّة أو تربويّة أو قيميّة ؟

لم تكن الرّسالة جليّة ... بل كانت شذرات عابرة عرضيّة متقطّعة على نحو فلكلوريّ عاطفي خارج حبكة البناء الدّرامي ...

يبدو لم تكن غاية "فلوجتنا" توجيه رسائل ذات مضمون واضح ومؤسّس سوى تحميل الشّباب الذي خاض مغامراته مسؤوليّه أفعاله في غياب الجهات التي تتحمّل المسؤولة المباشرة عمّا صدر عنه من أفعال …

"فلّوجتنا" لم تكن مقاومة بل كانت رسالتها " خاربة من بابها لمحرابها ".

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات