مشكلة العودة المدرسية: شأن العلماء والخبراء

Photo

وزارة التربية يستنزفها اليوميّ وليس لها أدنى رؤية لمجابهة الجائحة بالمحافظة على الحدّ الأدنى من فرص التعلّم... التربية، في بلادنا، يثقل كاهلها طرفان محافظان لا علاقة لهما بالإبداع:

- الطرف الإداري، المتخلّد بالذمّة من زمن الدكتاتورية، وهو أشبه بماكينة صدئة يحول فسادها دون أيّ إصلاح.

- والطرف النقابي الذي لا ينتج غير الجهل ولا صلة له بالعلم والتربية من قريب ولا من بعيد... إلّا قليلا…

في زمن الدكتاتورية كانت وزارة التربية جهازا إداريا ضخما كثير الأعطاب لا يلتفت إلى العلم والبيداغوجيا إلّا في مستوى الدرجة الصفر.. ويجعل كلّ شيء في خدمة صانع التغيير يرفع لأجله نِسب الناجحين ليقال عن عهده إنّه عهد الإنجاز والإعجاز.

بعد الثورة، ومع ضعف الدولة وتراجع الإدارة، استولت النقابات على أغلب مرافق الوزارة وصار النقابيون حاكمين بأمرهم.. يأمرون وينهون.. يعيّنون ويعزلون، بلا شرعية إلّا شرعية الواقع وبلا دراية تشفع لهم، ولا معيار لديهم غير معيار الولاء الذي يعبّرون عنه ب "متاعنا ومش متاعنا".. فمن لم يكن من متاعهم فلا حقّ له في مكان تحت شمس الجمهوريّة التونسيّة والتربية الوطنيّة.

هؤلاء يفرضون اليوم حضورهم ليقدّموا اقتراحاتهم في العودة المدرسية متى تكون وكيف تكون…

بجاه ربّي... ماذا يعرف هؤلاء؟ هل لديهم عقول للتفكير؟ هل يملكون تصوّرا للشأن التربوي في الأوضاع العاديّة حتّى يكون لهم تصوّر في الأوضاع الاستثنائية؟

أما كان أحرى بهؤلاء، نزولا عند منسوب وطنيتهم العالي، أن يتراجعوا إلى الوراء قليلا ويتركوا المجال للعلماء والخبراء ليدبّروا شأننا التربويّ بما يحقّق الغايات المطلوبة في هذا الظرف المضطرب؟

ألا يدرك هؤلاء أنّهم باتوا عبئا على التربية وعائقا دون إصلاحها؟ ما الذي يمكن أن يقدّمه كاتب عام جامعة نقابيّة أو مساعد له للتربية من فائدة وقد أتى عليه حين من الدهر لم يباشر درسا ولم يقرأ صفحةً من كتاب؟

إن كان ولا بدّ فليقترحوا خبراء من " متاعهم" يمكن أن يفيدوا في وضع تصوّر أو تقديم اقتراح أو اجتراح فكرة.. وليغيبوا عن الأنظار عسى أن تتحرّك قاطرة التحرير والتنوير دونهم.

هؤلاء يمكن أن يفاوضوا لتحقيق مكاسب مادية أو يدافعوا عن مُربٍّ عرضت له مظلمة وأن يقفوا عند هذا الحدّ لا يجوزونه.. أمّا أن يستأسدوا على مختلف الوزراء ليحتلّوا مواقع الخبراء، مخافة أن تفلت الأمور من أيديهم، فلن يزيد ذلك الأوضاع إلّا تعقيدا…

العودة المدرسية في هذا الظرف الوبائي لا تحتاج إلى نقابيّين.. إنّما تحتاج إلى علماء وخبراء يملكون أن يفيدوا…

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات