كلّ الذي نقوله هو ما نراه من أداء الرئيس وما نسمعه من خطابه…

Photo

حين نكتب في الرئيس فنحن لا نستهدفه ولا نريد به سوءا.. فهو رئيس منتخَب انتخابا حرّا مباشرا نزيها.. وقد كنت بين الذين انتخبوه في دورة الانتخابات الثانية رغم ما كان يبدو لي من غموضه.. ولا شيء يدعو إلى استهدافه.. ولا يحقّ لأحد أن يستهدفه.

لا أظنّ عاقلا معنيًّا باستهداف الرئيس لأجل تشويهه، فمقام الرئاسة محفوظ وليس من العقل في شيء الاعتداءُ على المقامات كما فعل الذين ساءهم الرجل منذ اليوم الأوّل من انتخابه عندما هجموا عليه يقولون فيه ما لا يليق من منصّاتهم الإعلاميّة على القنوات الإذاعية والتلفزيونية وعلى صفحاتهم التواصليّة، لأنّهم رأوا فيه نقيض انتظاراتهم…

أنا أنقد الرئيس في خطابه وفي ما يظهر لي من سلوكه.. وذلك ما كتبته في النصوص التي دوّنتها على صفحتي في الفيس بوك…

بيني، ناخبًا، وبينه، رئيسًا، عقد هو الدستور فإن لزمه فلا شيء عليه وإن خالفه فقد أخطأ.. وأظنّ أنّنا نعيش في لحظة حريّة تخوّل لنا أن نصرّح بما نفكّر فيه فنقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت مواطنين أحرارا نقول ما نرى ونرى ما نريد في كنف القانون بعيدا عن الإسفاف والإرجاف.. ولا أظنّ أنّ إساءة تعادل خرق دستور البلاد…

هل انتخبنا الرئيس لتغيير النظام السياسيّ؟ هل انتخبناه ليقول لنا إنّ الدستور أكله الحمار؟ هل انتخبنا الرئيس لمناكفة البرلمان رأس السلطة في البلاد وعماد نظامها السياسي لينفرد هو بسلطات ليست من اختصاصه؟ هل انتخبناه لمهاجمة الأحزاب في كلّ حين كأنّها لعنة انتُخب لطردها؟

هل انتخبناه ليخاطبنا من وراء ستار من داخل الثكنات العسكريّة والمقرّات الأمنيّة ليشير إلى أشباح تهدّد الدولة وتتآمر في أماكن يعرفها؟ هل انتخبناه لتأميننا وتهوين الأمور علينا أم انتخبناه لترويعنا والتهويل علينا في كلّ مرّة يخرج علينا فيها؟ انتخبناه لحفظ سيادتنا فخذلَنا عند الفرنسيّين وظهر أمام الرئيس الفرنسيّ الشابّ في صورة لا نرتضيها لرئيسنا.

انتخبناه ليكون واضحا قويا يستمدّ قوّته من شعبه الذي انتخبه، فردّ على أبناء شعبه من عند الفرنسيين بأنّ فرنسا حمتنا ولم تحتلّنا وليس لنا عليها اعتذار لأنّ المعتذر يتّهم نفسه.. وفرنسا أرفع من الاتّهام.

انتخبناه ليكون لبلادنا، من خلاله، حضور إقليميٌّ فاعل وحضور دوليّ محترَم، فنأى بنفسه وبنا عن العالم كأنّه يعدّ لنا علبة ليحشرنا بها ويغلق علينا.. لا موقف لنا ممّا يجري بجوارنا على أرض ليبيا الشقيقة التي تتهافت مختلِف دول العالم على موطىء قدم بها.. ولا نحير حراكا إذا هرولت دول العرب من حولنا إلى التطبيع مع دولة العدوّ الصهيونيّ بدعوى أن ما يفعله "أشّقاؤنا" بأشقّائنا هو شأن داخلي لا دخل لنا فيه.

انتخبناه ليكون حَكَمًا بيننا يوحّد الصفوف ويسوّيَ الأخلال فاختار أن يصطفّ بعيدا عنّا يضيف إلى أخلالنا خللًا آخر. انتخبناه لاحترام الدستور، الذي جاء بفضله رئيسا، وأقسم على القرآن أن يصونه ويعمل به فتسلّل إلى هدمه باحتكار تأويله له وحده بما يوافق ما يصرّ عليه من أفكار لا يفهمها أحد سواه.

انتخبناه ليلتزم بمهامّه من الدستور ويتقن الأداء فيها ويكتفيَ بذلك، فجاءنا بحمار أكل الدستور وانطلق يخبط في البلاد لا دستور يحكمه ولا منطق يفهمه كأنّه لغز مزروع في رأس البلاد يمعن في انغلاقه ويحول دون فهمه.

كلّ الذي نقوله هو ما نراه من أداء الرئيس وما نسمعه من خطابه…

وقد قلنا من قبله في الرئيس الباجي رحمه الله أضعاف قولنا فيه ولم يعترض علينا أحد ولم يهاجمنا أحد.. أنهى الباجي عهدته ومضى إلى ربّه رئيسا ديمقراطيا محترما ظلّ حصنا منيعا أمام الاختراقات.. كان يشكو من ضيق الدستور ولكنّه لم يقترب منه لتمزيقه ولم يطعمه حماره…

ومن قبله قال خصوم الرئيس الدكتور المنصف المرزوقي فيه كلاما نابيا لا أخلاقيا واشتغلت ماكينة تشويهه من يومه الأوّل حتى يوم مغادرته.. قال هؤلاء كلّ بذاءاتهم فيه ورموه بكل قبائحهم، ولكنّه مضى كبيرا لم يلتفت إلى أحد منهم…

وقبل ذلك كتبنا في الرئيس فؤاد المبزّع ما كتبنا ولم يعترض علينا أحد…

الرئيس قيس سعيد يصرّ على تشبيه نفسه بعمر الفاروق.. ولكنّنا نعرف من عمر أكثر من بغلته التي بالعراق البعيد... عمر هو الذي كان يقول: من رأى منكم فيّ اعوجاجاً فليقوّمه، فقام له رجل وقال: والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقوّمناه بسيوفنا، فقال عمر: الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوّم اعوجاج عمر بسيفه…

ونحن إنّما نُعمل التقويم لا أكثر.. وليس لنا غير القلم نقول به ما نرى.. فهل يضيق بنا عمر؟ وعمر كان يقول: أعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحضاري النصيحةَ.. فهل يعدو كلامُنا نصيحة نسديها إلى الرئيس؟

وعمر هو الذي كان يقول: لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها. فهل نكون بما كتبنا، قد أسأنا إلى الرئيس؟

أظنّ أنّ الذين يسيئون إلى الرئيس هم أولئك الذين يلتفّون حوله يحجبونه عن الشمس والهوى ولا يسمعونه إلّا ما يريد ليلبسوه جبّة الزعيم المعصوم.. يستهدفون تخديره بالسلطان ليفعلوا من خارج واجهته ما يحلو لهم…

هؤلاء أحرى بتسليط الأضواء عليهم لأنّ العتمة ملاذ الخفافيش.. والخفافيش أشدّ ضررا بالرئيس.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات