هل صدرت الأوامر بالتطهير؟

أخشى أن يكون خطاب الرئيس ، دعوة صريحه لأنصاره إلى تصفية معارضيه والدخول بالبلاد في أتون حرب أهلية كتلك التي جرت في ليبيا وتجري الآن في سوريا واليمن.. لا يمكن لرئيس دولة أن يصدر عنه مثل قوله ((مرّة أخرى دعوة للمواطنين الصادقين أن يطهّروا البلاد...)) إلّا إذا كان ما يريده فعلا.. الرجل يعي ما يقول ويدفع إليه دفعا.

إلى أين يأخذ البلد؟ أليس من عاقل يقول له إنّ خطابه مقدّمة لحرب قد تأتي على البلد؟ ألا يُدعى إلى الامتناع عن هذا الخطاب الذي يهدّد النسيج الوطنيّ؟

1- سيطر على الجيش والأمن.. وأجهز بهما على الدولة فافتكّها وخرّب مؤسّساتها وهدّد وتوعّد وأرعد وأزبد واعتقل معارضيه ومنعهم من الحركة في البلاد ومن السفر إلى خارجها حتّى تحوّلت البلاد إلى معتقَل كبير.

2- لم يكفه ذلك ولم يشف حقده على مخالفيه، الذين لا مشروع لديه غير تصفيتهم، بل أضاف إلى المناخ الخانق الذي أشاعه دعوته المواطنين إلى حمل السلاح بعضهم ضدّ بعض.

فقد قسّم، بخطابه، المواطنين إلى فريقين: فريق الذين صدقوا وفريق الذين عبثوا وأصدر تعليماته إلى الذين صدقوا بأن يطهّروا البلاد من الذين عبثوا.

فمن كانت له خصومة مع جاره فليجهز عليه بتهمة انتمائه إلى فصيلة الذين عبثوا.. وإن لم تثبت عليه التهمة فقد أخطأ المعتدي وسبحان من لا يخطئ.

ومن كان له شريك في أمر ما أراد الخلاص منه فليرمه بتهمة الانتماء إلى جنس الذين عبثوا وليهوا عليه بما ملكت يدُهُ.. الأوراق كثيرة والتلفيق في مثل هذا المناخ الذي يشيعه رأس الدولة سهل.. وذراعك يا علّاف.

ومن كان له ثأر ضدّ شخص من الأشخاص في حيّه ولم يجد سبيلا إلى تصفية حسابه معه فليس مثل خطاب الرئيس مناسبة للهجوم عليه بدعوى تطهير البلاد منه.

رئيس البلاد يقول:

أيّها المواطنون الصادقون طهّروا البلاد من المواطنين العابثين وخذوا حقوقكم منهم بأيديكم، فلا قانون غير قانون الشعب.. والشعب يريد تطهير البلاد.

أجهزوا عليهم ولا تأخذكم بهم شفقة ولا رحمة " وراسي يسد" .. القضاء عندي والمراسيم عندي والسلاح في يدي.. فلا تخافوهم وخافوني إن كنتم صادقين.

ما ينتجه رئيس الدولة من خطاب مدمّر.. وليس لنا من معوَّل في هذه البلاد على غير العقلاء يحقنون دماء التونسيين ويفكّون اشتباك الرئيس معهم.. هو لن يعود إليه عقل ولن يثوب إلى رشد.. ولا أمل في الخلاص به... الخلاص ليس به.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات