جندوبة مفارقة البكالوريا

ولاية جندوبة من الولايات التي أحبّها وقد عرفتها عن كثب منذ أن عملت بها سنة2007 وعرفت من أهلها رقيّا في المعارف ورفعة في الأخلاق.. لقد خالطتُ بها رجالا ونساء من أرقى الناس أخلاقا وأرفعهم علما.. هذه الولاية تشكو دائما من موقعها في ترتيب نِسب نتائج البكالوريا.. وهي من الولايات التي لا تكاد تغادر موقعها الترتيبي كأنّه مكتوب عليها...

من اللافت أنّ هذه الولاية هي أوّل ولاية على المستوى النوعيّ هذه السنة.. إذ تحصّلت منها التلميذة مرام المرزوقي من شعبة الرياضيات على أعلى معدّل في الجمهوريّة 20/20 بينما حصد تلميذ الآداب بدر الدين الماجري أعلى معدّل 16.81.

معنى ذلك أنّ التفوّق ممكن لمن أراده بقطع النظر عن الظروف والملابسات.. والتفوّق النوعي أعسر من التفوّق الكمّيّ.. وقد تفوّقت ولاية جندوبة نوعيّا بصورة لافتة كما نرى.

نحن شعب يفتقر إلى ثقافة التفوّق ولا صبر له على المنافسة…

منذ سنوات أشرفتُ، ببعض معاهد ولاية قابس على مسابقة في التقييمات الدولية.. وقد استخلصت وقتها أنّنا لسنا ضعافا إلّا لأنّنا لا نملك ثقافة المنافسة ولأنّنا نكتفي من الحياة بالحدّ الأدنى.. ونقنع بالوقوف على الهامش.

أكاد أجزم أنّ العالم المتقدّم لا يتفوّق علينا إلّا بانضباطه لشروط السباق.. بينما نقنع نحن بالتسكّع على الهامش ونرضى بما يسيل من الماء خارج الجدول... ولو دخلنا السباقات بأدواتها بعد توفير شروطها لافتككنا لنا موقعا تحت شمس التقدّم ولقطعنا مع استسلامنا لأقدارا تحامُقِنا.

جندوبة التي حقّقت تفوّقا نوعيا في نتائج أبنائها قادرة على افتكاك المواقع المتقدّمة في التفوّق الكمّي. المواقع السفلى ليست قدرا على أحد والمراتب الأولى ليست حكرا على أحد.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات