نحن انتخبناك

فأنت لست سوى مجموعِ أصواتنا. وبدون أصواتنا لا معنى لك.. ولا اسم.. ولا صفة. بدوننا أنت مواطن مثل أيّ مواطن في الجمهورية التونسيّة.

كوننا انتخبناك للضرورة لا يعني أن نكون لك عبيدا ترى لنا وتمنعنا من أن نرى، وتمنّ علينا بالحياة التي وهبنا الله إيّاها وبأنّك لم تنصب لنا المشانق على قارعة الطريق لتأخذها منّا.

أنت ترى ونحن نرى. ولا سلطان لك علينا.. ولا شيء يحملنا على أن نرى ما ترى وأن نوافقك على ما تريد. أنت لست ما تقول عن نفسك.. بل أنت ما نراه نحن. والحكم لنا عليك لا عليك لنا.. ولذلك انتخبناك. إذا وافقك بعضنا فقد خالفك بعضنا الآخر.

كان يمكن أن تكون رئيسنا جميعا وتخفض لنا الجناح وتقنع من الأمر بما وجدته في منطوق الدستور. ولكنك اخترت أن تكون رئيس أتباعك وحدهم وعدوّ غيرهم.. وغيرُهم كثير لا قليل.. بل هم الأكثر إذا كان القيس بالصناديق.

قسّمت التونسيين إلى جيشين وأعلنت نفسك قائدا عاما لأحد الجيشين.. وأعلنت الحرب على الجيش الثاني.. والوطن بفضل جيشك العنيف يوشك أن يكون ساحة حرب بين الأهل.

جئت إلى كرسيك بفضل دستور تعب التونسيون حتى كتبوه. سخرت منه وأعلنت أنّ حمارا أكله. جعلته سلّما للوصول ثم كسرت السلم حتى لا يصل في غد غيرُك. كان بيننا وبينك تعاقد واضح وقانون ناظم. فخرقت التعاقد ودهستَ القانون.. وجعلت نفسك وحاشيتك فوق القانون.

استوليت على الدولة تقرّب من تشاء وتبعد من تشاء.. تولّي من تشاء وتعزل من تشاء ولا أحد من الناس يفهم لك معيارا. جعلت نفسك الحاكم والمشرّع والقاضي.. ولو كنت نبيّا مرسلا من السماء لما آمنّا بك.

الثورة وهبتنا الحرية والحرية قوام إنسانيتنا ولا معنى للحياة دونها ولا شيء يبرّر سلبها. ولا معنى لرغيف يُمنّي به حاكم محكوما ثمنه حريته. الحرية هي الحياة والحياة هبة إلهيّة والخبز حقّ وليس منّة من أحد لأنّه من تراب الوطن والوطن للجميع.

الجميع يعيشون فوق التراب يأكلون خبزه. والجميع سيكونون تحت التراب ليكونوا سمادا لخبز الأجيال الآتية.. لا فرق بين حاكم ومحكوم.

ديدان الأرض لا تفرّق بين الأصناف.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات