سوريا بين السلطة والدولة

Photo

يقود التأمل الفلسفي – النظري في السيرورة السورية الآن – إلى الكشف عن الحركة الجوهرية المعبر عنها التناقض الجوهري ذاته . الحركة الجوهرية الآن هي حركة انتقال سوريا إلى حال الدولة. فيما التناقض هو بين أكثرية تناضل من أجل قيام الدولة وأقلية تسعى للإستمرار في سلطة بلا دولة . أو قل هناك منطقان يحكمان الصراع : منطق انتاج سلطة دولة و منطق ابقاء دولة السلطة .

منطق انتاج سلطة الدولة تعني أنه يجب أن تكون هناك دولة أولاً بكل ما تعنيه فكرة الدولة من سيادة الحق والقانون و المواطنة . والسلطة بما هي سلطة إدارة شؤون المواطنين الأحرار والحفاظ على حقوقهم ، سلطة ينتجها الشعب في خضوع لسلطة الحق والقانون ، فحق الشعب في انتاج سلطته جزء من بنية أية دولة في العالم الآن . وهدف ثورة الشعب السلمية التي عمت البلاد والتي قُمعت بالنار كان هذا هو .

أما منطق دولة السلطة فهو منطق بقاء السلطة بلا دولة . فدولة السلطة تعني أن هناك سلطة تملك دولة،والدولة هنا شكلية ، أو قل خالية من معناها ، أي خالية من مفاهيم الحق والقانون والمواطنة .

لكن شكلانية الدولة بوصفها دولة سلطة وجدت نفسها أمام حاجات مجتمع ، و مؤسسات لتنظيم حياة الناس ، ولهذا خضعت لواقع الدولة ، ولكن حولتها الى دولتها ، وذلك عبر هيمنة الجهاز الأمني على كل مؤسسات التي يفترض بأنها مؤسسات الدولة . إذ لم تعد أية مؤسسة قادرة على العمل دون ما يسمى بالموافقة الأمنية بدءً من الموافقة الأمنية على حجز قاعة أعراس مروراً بكل ماله بالإقتصاد ، انتهاءً بالعمل الوظيفي والسفر حتى أصبحت حياة الناس لا تقوم إلى بموافقات أمنية .

و هكذا تمت عملية تدمير الدولة و تحويل السلطة الغاشمة الى دولة ، وفي غياب الدولة وخضوع الناس الذين فقدوا حق الحياة ، حق الحرية ، حق الإنتخابات ، حق اختيار السلطة الحاكمة حق العمل ، حق القول ، حق تنظيم حياتهم المدنية ، حق السفر ، حق الفرح كان المجتمع يراكم أحقاده التي انفجرت في ربيع 2011.

و قائلٍ يقول ولكن كان هناك عاملون في مؤسسات الدولة الشكلية : أجل ليس بسبب الحق ، وكانت هناك نقابات ولكن ليس نتيجة الحق وهكذا .

إذاً الصراع الجاري الآن في سوريا هو صراع بين من هم مع قيام الدولة وسلطة الدولة وهم الأكثرية ، وبين من هم مع السلطة الحاكمة ودولة السلطة .

وسائل يسأل أين تقع داعش الآن ؟ إنها مع تدمير دولة السلطة و ضد قيام سلطة الدولة معاً ، إنها سلطة لاهوتية عنفية تريد أن تلبس نفسها صورة دولة و بالتالي هي أكثر عداءً للثورة السورية من دولة السلطة القائمة . وهذا هو الذي يفسر اشتراكهما في العدوان على الثورة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات