تساؤلات ضرورية للفهم من هم المراهقون والشبان المحتجون ليلا ولماذا لا يزعجهم العنف و السطو والتخريب؟!

انهم أولاد أجواء الثورة وانحرافاتها وانتكاساتها وليسوا أبدا أولاد الثورة التي أسقطت الاستبداد

اذا كان رئيس الدولة غير متناسق مع رئيس البرلمان. ورئيس الحكومة غير متفق مع رئيس الدولة وعمل ما في وسعه لتهميشه والضغط عليه لمحاصرته في قصره بابعاد الوزراء الذين قيل انهم من اختيار الرئيس وخاصة منهم وزير الداخلية مع التأكيد انهم يفتقدون للقدرات الضرورية بعد تقييم أدائهم …. وكل منهم يحرك غرفه الإعلامية السوداء وذبابه الملون لصناعة الأكاذيب وفرض الباطل بلغة سوقية ضد رموز الدولة.

وإذا ما كان البرلمان تحركه لوبيات من خارجه لا فرق بينها وبين عصابات المافيا… وفي داخله خصام دائم بين النواب بعضهم من أصحاب التاريخ الفاسد أو الملفات السوداء.. وبعضهم جاؤوا للتحصن في البرلمان.. خصام بلغة منحطة وعنف بلغ الصفع وإسالة الدم والصراخ بكلام الجاهلية والسقوط الأخلاقي…

واذا ما كانت الحكومات التي جاءت بعد الثورة والتي تجاوز عددها المنطق( 11) تتضمن وزراء متهمين بالفساد او لا علاقة لهم بالسياسة والادارة .

واذا كانت الأحزاب لا تقوم بدور تأطيري للمنتمين إليها وتتفرغ الي المعارك الجانبية بين الأشخاص وليس هناك بحوث مهمة تصدر عنها.. ولا دعوات ثقافية وتربوية لإبراز الدور الذي قامت عليه .. فلا يرى منها الشباب غير الخطب الفارغة.. ولا يشاهدونهم الا وهم على الشاشات يجلسون كالأطفال في حضرة منشطين واعلاميين لديهم ملفات سوداء .

واذا كان المتصدرون في الإعلام لهم تاريخ أسود وبعضهم مبتزون مرتشون وخريجو سجون ..ومع ذلك يسمع الناس أنهم يقبضون عشرات الملايين ليثرثروا على الشاشات في الصباح والمساء ويوم الأحد…

واذا كانت منوعات التلفزة تستضيف أناسا لا علاقة لهم بالفن إطلاقا منهم فتيات ونساء لا علاقة لهن بأي إبداع فما بالك بالأدب والفكر والنقد والهزل الهادف و ليس لهن غير ثرواتهن الموبوءة… الواحدة منهن كلبها يأكل بما هو مرتب عامل أو موظف.. و حقيبة يدها بمرتب وزير..

وهذه المنوعات لا تبث الا القليل من الأعمال الصالحة وتبث الكثير من الأغاني والسكاتشات التافهة التي تتضمن اللغة الهابطة وهي تستضيف أيضا أسماء لبعض المتهمين بالفساد لتبييض أصحابها….

كل ذلك يحدث في زمن ثوري نريده للتقدم والفكر المبدع وغرس ثقافة الحرية والديمقراطية ونشر ثقافة العدل والمساواة… والجميع لا يخجلون بما يفعلون وفي كل مرة نتصور انها زلقات.. وسبق لسان. وأيام ساخنة وتمر.. واذا بالأمور قارة في أنفسهم جميعا ولا يهمهم الا الكرسي والنفوذ والمال الوفير..

فكيف نستغرب اذن الشباب المهمش والمفقر والعاطل عن العمل على سلوكه.. ولغته وهو يسمع ويشاهد ويعرف أن اللصوص تزايدوا والناهبون تكاثروا ولا أحد من الأحزاب يتحرك لفائدة الشعب ويفكر لحظات لفائدته..

انا لا أساند هذه الاحتجاجات التي تنطلق ليلا و تخفي التخريب والسطو وتعريض البلاد الى كل المخاطر وأرفض المس بالأمن العام.. ومن رجاله الأبرار وأندد بالإضرار بالملك العام والخاص..

لكن هذه التساؤلات ضرورية لنفهم أسباب الأزمات كلها والتي قد توسع من نطاق هذه الاحتجاجات الساخنة ليلا في البلاد والتي وصلت إلى شارع بورقيبة نهارا ..بما فيها من تخريب وسطو وإعتداء على أملاك الناس…

لنفهم ونجد الحلول قبل التعسف على أطفال ومراهقين لا يعرفون بن علي.. ولم يستوعبوا بعد معنى الثورة.. وشباب كان في التاسعة والعاشرة من عمره لما قامت الثورة.. وهو كلما كبر سمع أن ذاك الذي يمر على التلفزة وفي الإذاعة فاسد وله ملفات جرائم..وكان في السجن بسبب ذلك.. اذن لا مشكل في الفساد… ولا قلة أدب في التعامل مع الفاسدين واعتبارهم نجوما..

ليسأل المنزعجون من كل ما يصدر عن الشباب والمراهقين من سلوكيات وما ما يقومون به من تحركات مرعبة دون أن يحللوا الظاهرة والتعرف على أبوابها وإصلاح ما بأنفسهم.. من المسؤول؟!.....

مرة قال بعضهم عن الإرهابيين في تونس.. ….. *هاذم أولادنا *. اذن هؤلاء الذين يتحركون بعنف ليلا مع السطو والتخريب .. أولاد من؟!

هؤلاء الاولاد المحتجون ليلا.. مع التخريب والسطو والنهب لم يعرفوا بن علي.. فقط يسمعون به.. ولم يعيشوا لحظة من لحظات حكمه فقد كانوا تحت العاشرة من أعمارهم لما هرب بن علي أو كانوا في بدايات المراهقة يعرفون وجهه ولا يعرفون غير انه رئيس… ولم يشاركوا في الأحداث آنذاك وربما عاشوا بعض لحظاتها دون أن يتبينوا ما أسبابها.. فقط استبطنوها في أعماقهم..لأنها جرت أمام أعينهم..

انهم أولاد أجواء الثورة وانحرافاتها وتعطيل استحقاقاتها وضرب مساراتها وليسوا اولاد الثورة التي كانت رائعة أسقطت الاستبداد وفتحت عصر الحريات وحقوق الإنسان وجاءت بالديمقراطية لكن أفسدها جماعات بن علي والتوافق معهم فيما بعد مع عدم المحاسبة.. والتأكيد أن الافلات من العقاب هي عادة تونسية جميلة.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات