لا تطمسوا عيونكم بأيديكم......

Photo

وكونوا مع الشرعية إلى أن ننتصر على الفساد الذي ينخرها من الداخل

أنت تقول له كفى دعما لتخلف الامارات واستبداد النظام المصري يصرخ وأنت.. بهذا الموقف تؤكد أنك من أنصار تركيا العثمانية الإخوانية وقطر الرجعية المتخلفة.. يا سيدي دعاة هذا أو ذاك.. كلكم خونة.. وكلكم تحملون فكر شياطينكم في جيوبكم وتخبئون دوافع مساندتكم لهذه الدولة أو تلك …

الوطنية تقتضي التعامل مع الجميع بحزم قوي وحياد واضح لا أن تتمترس وراء لوبي معين.. وتبحث عن وسائل وطرائق للدفاع عن جماعة تدفع لك الفتات وهي تقبض المليارات.. وتقدم لك الملاليم وهي تتلقى الأرصدة في البنوك التونسية والأجنبية..

أمامك التجربة المصرية ..التي تخلت عن الثورة والديمقراطية والحرية ..وهي تعيش اليوم في رعب كبير لأن جانبا مهما من الشعب انزلق في مؤامرة أدت إلى ضرب كل مكتسبات ثورة مات من أجلها الشباب لتعيش مصر حريتها لأول مرة في حياتها واذا بهؤلاء يصمتون ويستسلمون للثورة المضادة ويعود الحكم العسكري القاتل من جديد بأكثر عنفا من قبل و هيمن على مصر كنا كان يهيمن منذ ثورة الضباط الأحرار قبل سبعين سنة ..

الضباط الأحرار كانوا في البداية ثوارا حقيقيين ثم استؤمروا الثروات والفساد والاستبداد ودخلوا معامع ترسيخ النظام العسكري.. وبعد ستين سنة ثار الشباب وقرر الثورة على الديكتاتورية وقدم التضحيات والدم.. وانتصر وتمتعوا ردهة من الزمن والديمقراطية وبالحرية التي أبعدت العسكر وزحزحته قليلا .... فتحرك الجيش وانتصر بمظاهرة صاخبة مولتها دول عربية ذات أنظمة استبدادية فاسدة تدعمها اليوم إسرائيل لإبعاد شبح ثورة عربية شعبية ضدها فهي تسعى إلى أن تتعامل ولو بعداوة مع أنظمة مستبدة لا مع ثورات شعبية قادرة على زحزحتها …

وها أن العسكر يعود إلى مصر بقوة قاهرة لم يعرفها الشعب المصري حتى في العهد الفرعوني فاليوم يعيش الاستبداد بكل أنواعه ويشهد القتل الجماعي اليومي باسم محاربة التطرف والإرهاب وكادت المحاكم تغلق أبوابها فلا أحد يحاكم الآن بمواقفه بل إن المشنقة في انتظاره معارضة ولا أحد يتمتع بشيء من الاختلاف في الرأي لان السجن في انتظاره مع نسيانه بلا محاكمات ولا نقد لأنه سيطرد من عمله أو يعرضه نفسه وأبناءه الى الملاحقات..

لقد وعد السيسي بأن يترك ساحة التحرير للاحتجاج على أخطاء الحكم وإذا بكل مواطن مصري اليوم يمر من ساحة التحرير وقلبه ينبض خوفا من أن يتهم بأنه جاء للاحتجاج…

تأكدوا أن بعض القوى الغربية الرجعية ساندت الباجي وقدمت له كل انواع الدعم بهدف أن يصل إلى الحكم ويلغي الحرية والديمقراطية ويعيد الأمور إلى نصابها.. لكن الباجي ولا ابنه قدرا أن يفعلوا شيئا ضد الوطن لان الحرية بدأت تتغلغل. ولأن الباجي مهما كان مستبدا ومهما تعاون مع الفاسدين ومهما كانت أعماله دنيئة لتوريث ابنه فإنه لم يلتزم بما قررته له الامارات او السعودية أو فرنسا أو مصر أو حفتر.. واتخذ طريقة في الحكم لا ترضي أغلبية الشعب ولكنها لم تبلغ درجة الخيانات المعلنة. نعم أنقذ رجال بن علي. نعم أعاد بعض الفاسدين الى الحكم لكنه مع ذلك لم يضرب الحرية. ولم ينجح في تحويل النظام إلى طغمة عسكرية ولا الى كمشة مستبدين.

واليوم

تتعالى اصوات اعتبرها ناشزة. واسمع منها رائحة الاستبداد والنفط والغاز... فهل يريد التونسيون الوصول الى الوضع الذي بلغته مصر باسم كره الثورة. وكره النهضة والاخوان وكره التجمعيين القدامى والجدد. والحقد على الشيوعيين أو البعثيين …

لا يا سادة …

أكرهوا الفساد وقاوموه بالقانون والعدالة والشرعية والحرية والحق والانتخابات.. كونوا مع تونس ولا تمدوا أيديكم الى الفوضى والفساد السياسي والخيارات الموبوءة والخيانات المعلنة بالالتزام بهذه الدولة أو تلك ....

لا تنزلقوا في الفوضى. وارفضوا دعوات الأجانب.. وابتعدوا عن الشبهات.. ولا تؤيدوا من يأتيكم بأسباب الثورة على الثورة وهو ينفذ أنجندات إماراتية مصرية فرنسية سعودية... ولا تساندوا لا تركيا ولا ايران ولا قطر.. ولا حفتر…

كونوا مع تونس الحرية. تونس الوطن والديمقراطية.. ولا تذبحوا أنفسكم بسكاكين تخرج من جيوبكم ويدفع ثمنها من يحرككم أو يحرك من يقنعكم بضرورة الثورة… كل الكوارث التي عندنا يمكن نقدها ورفضها بالحرية والديمقراطية.. فلا تخسروا ما لدينا من أسلحة جميلة لم نمتلكها بسهولة.. بل هي نتاج ثورة دامت سنوات.

وتأكدوا أن تونس ام تعرف الحرية في مظهرها الحالي لثلاثة آلاف سنة التي يعتز بها أعداء الثورة الحقيقية على الاستبداد. أن جماعة ثلاثة آلاف سنة يكذبون. ليس فيه هذا التاريخ الطويل لحظة حرية.. نعم فيها حضارات مختلفة ومتعاقبة. وفيها تجارب دينية مختلفة انتهت إلى الإسلام الذي كان ثورة حقيقية ضد الاستبداد والفساد لكن الأنظمة المتعاقبة لا تحكم لا بالإسلام ولا بغيره فهي تحكم فقط بالاستبداد والقهر. والنهب.. والسرقة.. باسم الإسلام.

فلا نظام أفضل من النظام الديمقراطي لا حياة أجمل من حياة الحريات مهما كانت مشاكل البلاد هذه المشاكل نجد لها مع الايام الحلول الممكنة بالحرية وبالديمقراطية وبالتعاون مع كل الدول لا مع دولة واحدة أو اتجاه واحد.. سنكون مع كل مواطن صادق من أجل تونس. وستكون تونس مع كل دولة تريد أن تتعاون معها بعيدا عن السيطرة... والاملاءات..

فلا شيء يحرك تونس غير مصالحها مع الدول. فالحياة ممكن إذا عرفنا كيف تتصرف. وكيف تحمي تونس من الانزلاق في رغبات الآخرين. تأكدوا أن الكثير من الدول العربية ترغب في ضرب التجربة التونسية. فهم لن يقبلوا بتجربة الصراع السياسي السلمي بين الفرقاء في الانتخابات.. وقد لاحظت الأنظمة العربية الرجعية الفاسدة أن شعوبها أصبح يحلم أن يرى متنافسين على الحكم يمران على التلفزة في مناظرة رائعة فيها نقاش وطني.

وكل جانب يقدم رأيه لجلب النصر له من أجل أن يحكم بالأفكار التي جاء بها من أجل الرئاسة.. من أجل الوطن. ولما لاحظ الحكام المستفيدون ذلك علموا أن التجربة التونسية تشكل لهم الخطر الدائم ولذا قرروا إزاحة هذه التجربة ولو بالدم وما يجري في البرلمان التونسي منذ يومه الأول إنما بداية المعركة ضد الديمقراطية والعمل على إسقاطها بكل الطرق.

وما يجري الآن من دعوات لإسقاط البرلمان إنما يدخل في خانة إحلال الفوضى في تونس باسم الحرب على الاخوان.. وباسم الحرب على الثورة التي لم تحقق لهم السيطرة والحكم والغنيمة. قاوموا هذا العبث الذي سيفقدنا الحرية والديمقراطية. ولا تنساقوا وراء ضرب البرلمان بالفوضى من داخله أو من الساحة المحيطة به …
الا إذا استعمل رئيس البلاد سلطاته التي تخولها له الصلاحيات الدستورية لحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات أخرى بعد أن يتخذ الإجراءات والقوانين التي يرفضها البرلمان للمحافظة على مصالح شخصية فاسدة.. وكل ذلك يحدث باحترام الدستور واحترام الاستفتاء وتقديس الحرية وتقدير الحق والعدل والديمقراطية الحقة.. تحت حماية الجيش والأمن لا بهيمنة حكم عسكري. بل إن الجيش هو الحامي الحرية والديمقراطية.. لا عدوا لها.. فالجيش يمكن أن يصبح عدوا لهما لما يرى أن الفوضى قد عمت.. عندئذ يتدخل ويقضي على التجربة. القائمة حاليا.. وهذا هو هدف ما يجري في البرلمان حاليا.. وما تحمله الدعوات الآن لإسقاط البرلمان.

فهل تصدقون هذه الدعوات للفوضى والتزموا الدستور. وراعي الدستور. وحامي الحرية والديمقراطية
كونوا مع الشرعية ولو كانت في باطنها فساد معلن. فالشرعية مع الأيام تقضي على الفساد. والحرب. إذا دعمناها دوما قادرة على إلغاء كل المفاسد والفاسدين. وتأكدوا أن التاريخ يتقدم لان الفساد العميق في الدولة العميقة بدأ يرحل برحيل أعضائه البارزين منذ عشرين سنة او أكثر فالتاريخ والعمر حكمان عظيمان أضف إليها الثورة فهي تتقدم ونكتسح المجالات شيئا فشيئا. وغدا تنتصر الثورة على أعدائها من الفاسدين المستبدين الأوباش.

وتأكدوا أن ما تتمتع به تونس لا يتمتع به اي شعب عربي او افريقي… هذه مرحلة كبرى رائعة تحققت.. والقادم هو التخلص من الفساد.. فإذا غادر الفساد او كاد فإن تونس تصبح دولة حرة بالتمام والكمال تسير على درب التطور الحقيقي.. وهذا ليس بأمر مستحيل.

المهم أن لا نطمس أعيننا بأيدينا.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات