لست متشائما....

Photo

لكن ما تحقق في الثورة أبرز أن ثقافة الغنيمة هي التي تتحكم في عقل السياسي التونسي

سأفاجئ قرائي من الأصدقاء والأحباب.. ومن المختلفين معي وحتى الذين يعتبرونني عدوا لهم بسبب كفاحي ضد سلوكياتهم وضد ممارساتهم السياسية الفاسدة القديمة منها والناشئة إذا ما قلت بأني لا أريد محكمة دستورية تصدر عن هذا البرلمان بالذات ففيه عد كبير من الجهلة والمتخلفين والمشبوهين والفاسدين.. ثم انه من المفيد أن نقرأ ما تحقق للدولة والشعب من الهيئات التي تم تركيزها منذ بدايات الثورة الي الآن.

لا أحد حقق شيئا مهما لا الدولة ولا المواطن من الهيئات التي نبعت من المجلس التأسيسي.. مثل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والهيئة الوطنية للحقيقة الكرامة.. والهيئة الوطنية للإعلام السمعي والبصر "الهايكا" بسبب عدم تحلي أعضاء المجلس التأسيسي وطبعا البرلمان بالرجولة والوطنية والعمق الحضاري والايمان بالمستقبل والحياد.. كلهم مرضى بالمحاصصة الحزبية ولو بلغ الأمر بهم الي انتخاب الفاسدين للحرب على الفساد فهل هناك تونسي واحد يعرف ما تقوم به الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد غير انها تجمع الوثائق وتسجلها وتحافظ عليها في علب الأرشيف…

وقد تبعث بها إلى القضاء لكننا لا نعلم بشيء مهم.. ولا أحسسنا أن أصحاب الملفات السوداء قد تمت محاسبتهم او نالوا العقاب الذي يستحقون لما اقترفوه في حق الدولة والشعب… او انتخاب محام في موقع دفاع عن متهمين بالفساد ليكونوا قضاة يفصلون في قضايا هؤلاء المتهمين… وهو أمر يرقي الي الاجرام الكبير ولا يبقي فقط في درجة تضارب المصالح…..

كما أن الهايكا تجمع بعض الأشخاص لا يمكنهم أن يتخذوا قرارات صارمة في الإعلام.. فهم اصلا تنقصهم الخبرة والرؤية.. وينقصهم الصدق في التعامل بالحياد مع الجميع… وها ان زمنها القانوني انتهى منذ سنوات ومع ذلك لا أحد حرك ساكنا…لا لا أحد يومن بما تقوم به.. وبما انها لا تضر ولا تنفع فإنها تواصل وجودا لا يضر ولا ينفع.. إنما ما تنفقه في تواصل وجودها يثقل كاهل الدولة والشعب في فترة تحتاج فيه تونس الي كل مليم.

فهل للدولة ان تعلن اليوم بكم تكلف نشاط هذه الهيئات.. وما هي النتائج التي تحققت للدولة والمواطن منها… خذ لك مثلا من الهيئة الوطنية للحقيقة الكرامة فاطلع على تقريرها النهائي ذي آلاف الصفحات فهل ستجد ما فيه نفع معين غير تلك الجلسات التي تعرف من خلالها بعض الشباب على ما جرى من مظالم يالستين سنة الماضية لكن الماكينة الساحة المضادة افسدت عمل هذه الهيئة والشباب صدق الماكينة وكذب الهيئة….

أنا لست متشائما من الهيئات.. ولا أعتبرها غير صالحة. بل بالعكس فالثورة لم تحقق شيئا مهما الا في هذا المجال اي كتابة الدستور.. وإنشاء الهيئات الدستورية التي تكافح من أجل العدالة والحق وتعديل المسارات والاحكام والقرارات وتسعى الي أن يكون المجتمع متوازنا على جميع المستويات.

لكن للأسف فإن الاحزاب والبرلمان.. ليس فيها رغبة لتحقيق هذا المجتمع فما ترغب فيه هو تعويض العائلات الفاسدة… بعائلات أخرى هي منهم… لكنها لم تعوض الفاسدين فقد فشلت في إبعادهم واصبحت طرفا معهم… يعني أن الجميع يرى تونس غنيمة والشعب غنيمة. وثقافة اقتسام الغنائم هي التي فازت.. ومعها يتواصل انهيار القيم.. وتفشي روح الاستسلام للفساد والجريمة.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات