قضية الطيب راشد: مرحلة جديدة في تاريخ القضاء التونسي

Photo

والأنظار متجهة نحو جلسة المجلس الأعلى للقضاء غدا لتجميد سيء الذكر عضو المجلس والرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد، قضاة شرفاء، هم قلة، من عملوا على كشف الحقيقة في ملف الفساد، ودفعوا لنقاشه تحت الأضواء بعيدا عن الغرف المظلمة، وطالبوا علنا بالمحاسبة، ومنهم رئيس المجلس يوسف بوزاخر وحمادي الرحماني وعفيف الجعيدي وليلى الزين وغيرهم، يتعرض البعض منهم اليوم للضغط والهرسلة والحملات الإلكترونية من عصابة الفساد..

تحية لهؤلاء الشرفاء الذين لم يكتفوا بالمشاهدة مثل بقية زملائهم، وهم الأغلبية للأسف، الذين اعتادوا دور المعاينة وكأن الملف لا يهم شرف رسالة القضاء قبل إحقاق العدالة.. تحية للقضاة الشرفاء لوفائهم لشرف المهنة وصوت الحق والخزي والعار لكل المنخرطين اليوم لقبر ملف الطيب راشد.

ملف الرئيس الأول لمحكمة التعقيب هو اليوم المحرار عن اتجاه العدالة في هذا البلد، إما أن تتحقق وتنجز وتكون كالسيف القاطع على الجميع، وإما تبقى على حالها مريضة ليستمر مرض البلد بسببها..

المحاسبة من الأعلى تعني أن لا أحد فوق المحاسبة، وستكون عنوان مرحلة جديدة في تاريخ القضاء التونسي، وإن أفلت من المحاسبة ستكون رسالة ليس فقط لتأبيد الوضع الحالي بل ستكون شهادة انتكاسة عن قدرة الفاسدين على الإفلات من العقاب وكأن الفساد قدر لا مفر منه.. وتلك المصيبة الكبرى.

لازلت محبطا في الأثناء من الدور السلبي لهيئة المحامين في هذا الملف وكأنه ملف "داخلي" يهم القضاة فيما بينهم ولا يهم العدالة برمتها.. المحاماة مطالبة بالانخراط الجدي في مسار كشف الحقيقة والمحاسبة في الفساد المالي والسياسي داخل الأسرة القضائية الموسعة.

قضية الطيب راشد ترمز في عمقها لمنظومة كاملة لتوليفة الفساد القضائي والمالي والسياسي في تونس، المنظومة التي عششت لعقود فنخرت البلاد وافتكت الحقوق وتلاعبت بمصالح الشعب لصالح المفسدين، لذلك فهذه القضية هي معركة وطن.. إما فوز الجور والباطل وإما انتصار الحق وإحقاق العدالة.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات