سيمرّ الدستور التافه الذي سيسقط يوم يغادر سعيّد قرطاج، ولكن…

سيمرّ مشروع الدستور وتنتصر "نعم"، هذا استفتاء يجري في إطار مسار غير دستوري وغير ديمقراطي وفي مناخ سلطوي، نتيجته مدبّرة ومعلومة، لذلك لا تهمنا نتيجة التصويت لأن الأهم هي نسبة المشاركة: من هنا نبني أرضية مقاومة المشروع الشعبوي السلطوي انطلاقًا من أن الدستور غير معبّر عن الإرادة الشعبية العامة وبالتالي فهو منزوع المشروعية (كما استهدف سعيّد الشرعية بعنوان عدم مطابقتها للمشروعية).

سعيّد أكد أنه جبان من حيث عدم اشتراطه نسبة دنيا للمشاركة ليس فقط في النصوص القانونية التي أصدرها لخياطة تمرير مشروعه، بل حتى في خطابه السياسي، لأنه رئيس يحكم لوحده ولا يريد وضع أي مطبات في طريقه.. للمفارقة، مجلة الجماعات المحلية تشترط مشاركة ثلث الناخبين المسجلين لقبول النتيجة في الاستفتاءات البلدية أو الجهوية أو الإقليمية.

لدينا الآن أكثر من 9.2 مليون ناخب مسجل، بوعسكر يتوقع إقبال 2.8 مليون ناخب أي نسبة 30.4% أي دون نسبة الثلث (ولديه تصريح صحفي بأن نجاح الاستفتاء مرتبط بنسبة المشاركة)، وبغض النظر عن صعوبة بلوغ حاجز 30% لعوامل متعددة منها مقاطعة القوى السياسية والمدنية وإن اعتبرنا النسبة الهزيلة جدا ليومي الاقتراع بالخارج كمؤشر أولي (يوما عطلة والثالث غدا هو يوم عمل على فكرة بعكس سير الانتخابات السابقة)، فالمرجح عدم تجاوز نسبة الإقبال الثلث بل قد لا تتجاوز حاجز 3 مليون، وربما النسبة قد لا تبلغ حتى الربع (أي دون 2.2 مليون ناخب) بما يعني نسبة إقبال هزيلة...

في 2019، بلغت نسبة المشاركة في التشريعية 41.7 في المائة (2.94 مليون)، وارتفعت في الرئاسية في الدورة الأولى لحوالي 49 في المائة (3.46 مليون) وبلغت في الدورة الثانية نسبة 55 في المائة (3.89 مليون).. طبعا سعيد لا تهمه نسبة المشاركة، هو شعبوي تافه سيتهم الجميع بالتآمر والعمالة لتعطيل صعودنا الشاهق، فهو رغم فضيحة الإقبال على استشارته (500 ألف أي أقل من 6% من الجسم الانتخابي) اعتبرها في توطئة دستوره معبرة عن خيارات الشعب التونسي.

بالنهاية، سيمرّ الدستور التافه الذي سيسقط يوم يغادر سعيّد قرطاج، ولكن سيبقى إلى غاية ذلك الوقت دستور منزوع المشروعية غير ممثل للإرادة الشعبية العامة، دون عن تنظيمه في سياق حالة استثناء تحولت لمطية لحكم سلطوي فرداني بالخصوص عبر هيئة معينة غير مستقلة وترسانة قوانين منظمة للاستفتاء على المقاس.. لذلك، المقاطعة هي الموقف الطبيعي لأي ديمقراطي في هذا البلد بعدم الاعتراف بكامل هذا المسار الهزلي والسلطوي، تمهيدا لبدء مرحلة مقاومة حكم سلطان الجماهيرية غير الشرعي وغير المشروع لإسقاطه ونستأنف بناء ديمقراطية ضامنة لكرامة الإنسان ومنتجة لأسباب العيش الكريم.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات