فمن لم يخفه بن علي بجبروته والتكاري بجوره، أيخشى قيس وليلى؟

وزارة العدل أو العدلية، كما كانت تُسمى، اُنشأت قبل قرن ونيف، تداول عليها أشراف وأنذال عبر التاريخ. الشيخ عبد العزيز جعيّط في حكومة الكعاك، قامة تولت الإفتاء لاحقًا، صاحب المدونة التشريعية لتنظيم الأحوال الشخصية بالمذهبين المالكي والحنفي والتي عُرفت بلائحة جعيط وهي من مصادر مجلة الأحوال الشخصية..

تولى العدلية بعده صالح بن يوسف في حكومة شنيق الإصلاحية، وهو أحد رموز الحركة الوطنية صاحب الأمانة العامة في الحزب الدستوري وحفظ التاريخ مواقفه التي دفع ثمنها اغتيالا.. أول وزير للعدل بعد الاستقلال هو أحمد المستيري، أحد وجوه بناء الدولة الوطنية والصوت الديمقراطي المرتفع داخل الحزب الدستوري فكان أحد رموز تأسيس النضال الديمقراطي والحقوقي زمن الاستبداد، غادرنا قبل عام ولم تُستذكر إلا مناقبه.

وزارة العدل تولاها أيضا صلاح الدين بالي طيلة جل سنوات عقد السبعينيات، كان وكيل الدولة لدى المحكمة العسكرية التي أخرجت مسرحية المحاكمات غير العادلة للمعارضين فكوفئ لاحقا بالوزارة وثم شارك في انقلاب 7 نوفمبر منقلبا على ولي نعمته فكافأه بن علي بالتوزير مجددا ولاحقا رئاسة البرلمان ورئاسة المجلس الدستوري، خادما طيعا ذليلا للاستبداد..

الوزارة تولاها رباعي المنظومة النوفمبرية، عبد الرحيم الزواري والصادق شعبان وعبد الله القلال والبشير التكاري، عاثوا في الأرض فسادا وأكثرهم سيء الذكر التكاري، كان أطولهم مدة في الوزارة وأكثرهم اغتصابا لاستقلالية القضاء وانتهاكا لحرمة المحاماة، كان مخبرا وضيعا لسيده وما كشفه أرشيف الاستبداد بعد الثورة بين حجم التخطيط والتآمر لوضع اليد على القضاء والمحاماة.

ليلى الجفال في أي فريق من وزراء العدل؟ معلوم، وبين ما سيسجّله التاريخ.. الفصل 23 إجراءات جزائية حافظ على الصيغة القديمة في تسمية وزير العدل "كاتب الدولة للعدل"، وهي فعلًا كذلك بل ما دونه، كاتبة مُخبرة لدى الرئاسة، خانت رسالة القضاء واتخذت من الظلم والجور لا العدل منهجًا، تتبع تصريحات المعارضين لتقاضيهم لإخراس أصواتهم خدمة لرئيسها، وتفبرك الملفات القضائية السخيفة ضد قضاة شرفاء ومحامين شرفاء هم أبناء مدرسة النضال من أجل استقلالية القضاء ومقارعة أهل البغي والطغيان.. أتظن أن بصنيعها ستكمم الأفواه وستستبيح العباد دون صد وممانعة؟ يا له من سخف، فمن لم يخفه بن علي بجبروته والتكاري بجوره، أيخشى قيس وليلى؟

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات