خواطر مضطربة على أبواب رمضان.

أدخل رمضان راجيا رحمة الله لي ولأهلي وغزة من أهلي وإن لم أسر على ترابها وعسى الله أن يمن بزيارة. وغزة الآن بين القلب والعقل. يقول القلب مستبشرا بضربات المقاومة المظفرة التي كبدت العدو خسائر لن يبرأ منها في الجند والسلاح. ويضيف القلب كل رسائل التطمين الإيماني بان نصر الله قريب. ولن يخذل جنده لكن العقل يبرد حتى يرى الحقيقة كاملة وما أرى الآن بعين العقل هو أن العدو ولا أعني الصهاينة وحدهم يعرفون أن هزيمتهم في غزة تفتح على هزيمة أكبر في كل مكان وعلى تغيير استراتيجيات عميقة في كل العالم.

لذلك ما نفرح به من خسائر في صف العدو المباشر هو في قراءتهم حطب معارك أو لحم مدافع لا قيمة له ويمكنهم أن ينفقوا منه أضعافا لتبقى الشوكة في جنب العرب والمنطقة فقتل الأسرى مثلا ليس له نفس التأثير الذي نتوقعه (اللهم عند أسرهم) أما عند ماكينة الحرب الكبرى فهؤلاء لا قيمة لهم ولا بأس من محقهم جميعا مقابل فك ذراعهم الملوية عند المقاومة. ولا أشك أن قتل الأسرى مقدم على قتل القيادة.

واكتشف أنهم يسبقوننا دوما بمراحل من التخطيط (يخفونها ونكتشفها بعد جهل) ففي الوقت الذي نفرح بضربات المقاومة جاهلين ما بعدها نكتشف أن لدى العدو خطة ميناء دائم (يبدأ مؤقتا ثم يمتن فيستقر فيصير بوابة أبدية للمنطقة). إن إغلاق الجرذ المصري للمعبر هو بأمر أمريكي مباشر. يعيرونه بحصار غزة لكن الحصار كان ضمن خطة وضعوها وهو فيها مجرد منفذ حقير تابع وذليل.

الحصار يؤدي إلى الميناء والميناء يؤدي إلى نقطة حصار أبدية تتجاوز حتى قدرة العدو المباشر عن الحصار.(سنكتشف لاحقا أهمية الميناء لتصدير الغاز الغزاوي فنحن لم نفكر في الأمر بعد) يوجد ميناء قريب في أسدود وآخر في العريش لكنهما ليسا تحت سيطرة أمريكية وقد لا يسهل استعمالهما. (سيكون أقرب ميناء لميناء طرسوس حيث القاعدة الروسية).(جملة حلوة من القلب: الأمريكي اكتشف جبن الجندي الصهيوني ولذلك سيتوقف عن الاعتماد عليه كراس حربة ولكن الكيان يبقى مفيدا دوما).

في كل الحالات ورغم أن هناك قدر كبير من المعلومات غير اليقينية (عن روابط القرى الدحلانية التي ستفتح حربا أهلية في غزة) إلا أن العقل يقول إن صورة نصر باهر في غزة ينسحب به العدو ويترك للمقاومة تنظيم القطاع وإدارته تعني عند العدو هزيمة تحول مجرى التاريخ وهذا له كلفة أكبر من محو غزة من الخريطة. (أنا لا آخذ بعين الاعتبار تأثير الشوارع الغربية على حكوماتها فهي تحتقر جماهيرها وتعاملها كقطعان وتعرف أنه يمكن التحكم فيها بزيادات جزيلة في الرواتب وتسهيل الحياة اليومية). (هناك قطعان مقموعة هي نحن وقطعان شبعانة وزاهية هي شعوب الغرب) ماكينة الحرب تعاملنا كلنا ودوما باحتقار وازدراء وليس بالضرورة بنظرية المؤامرة والحكومة العالمية الخ.

وماذا بعد كل هذا التهويم المضطرب؟

نحن لم نحارب مع غزة فإذا لم تحقق النصر الذي نشتهي فلا نلوم إلا أنفسنا فالمقاومة قامت بما عليها وأفاضت وأجزلت والثمن كان قاسيا سيقول كثير من الفجرة ماذا ربحت المقاومة وهو السؤال الذي يهرب من حقيقة أين كنت يا فاجر وقت حرب الطوفان؟ كنت تتربص لتقف مع المنتصر وتحسب غنائمك.

لقد فتحت المقاومة باب التاريخ لندخل بمساهمة فعالة ونحرر أنفسنا ضمن تحرير غزة وفلسطين وكل أرض محتلة ولم نر الباب المفتوح والدم المسفوح على العتبة. وندخل رمضان بالدعاء الذي صار عندي سلاح العجزة. بل صار عندي نوعا من التنصل من المعركة وهو الآن قريب من معنى (اذهب أنت وربك فقاتلا).

قف ... هل نحول ليالي رمضان إلى ليل من التظاهر الكثيف على الأقل لرفع العتب ؟ لا أظن التراويح أسهل والمساجد فيها مكيفات والأئمة يلحنون ويتباكون على غزة هيا بنا ننسى غزة فنحن لسنا أهلا لنصر مثل نصرها معمد بالدم.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات