من اجل تونس لا من اجل فلسطين

Photo

ليسمح لي اصدقائي ان اكتب نصا كوصية مودع وساترك لهم ان يقرروا لأنفسهم ...فلست وصيا على أحد. نعم لقد ولدنا بحب فلسطين وعشنا بشعور عميق بالمسؤولية تجاه اخوتنا هناك وهذا ليس منا ولا تفضلا عليهم ...لذلك فان (التطبيع) اعتبر عندنا جريمة في حق فلسطين.. واني اراه جريمة في حق تونس اولا ...لذلك فان كل خطوة تطبيع او جملة تبرير للتطبيع هي تدمير للسيادة التونسية قبل ان تكون غدرا بفلسطين …

كان يمكن ان تتوسع مبررات التطبيع العربي لو ان البلدين اللذين سبقا الى التطبيع (مصر ثم الاردن) قد غنما من التطبيع تنمية وازدهارا ...وتحسنت اوضاع الناس المادية فيهما لكن معاينة النتائج لا يمكن الا ان تزيد مواطني كل قطر عربي (لم يطبع بعد) نفورا ورفضا للتطبيع ...فهو عملية قهر واذلال للشعوب التي طبعت حكوماتها المتعاقبة ...النتيجة الاوضح هي ان كل بلد طبع فقد سيادته على نفسه وعلى شعبه...ولم يفلح في بناء الديمقراطية بل نكص الى الدكتاتورية والقهر والتدمير الثقافي والسياسي فضلا على خسارة الفلسطينيين من كل عملية تطبيع.

في تونس انبه نفسي واصدقائي الى ان الطبقة السياسية التونسية ليست جادة في معاداة الصهاينة ولا تغرنكم البيانات القوية هناك انقسام حاد يستعد الجميع لتعميقه بالمزايدة في معاداة التطبيع لفظيا اما الجدية والحسم فغائبان …

جزء كبير من هذه الطبقة رأيناه يعلن معاداة التطبيع في تونس ولكنه يساند مساندة مطلقة السيسي المطبع ويقف مع حفتر الخائن لبني وطنه ولفلسطين …بل يتحالف مشيخات الخليج التي تقود الان قطار التطبيع والهدف توريط خصمهم السياسي الاسلامي عبر دفعه الى الاحتماء بالصهاينة للبقاء في الحكم بثمن اخلاقي يدمره لاحقا وقد عجزوا عن تدميره بقوتهم الذاتية.

في مقابلهم يرواغ الاسلامي الموقف المطبع ولا يحسم موقفه خشية الكلفة السياسية للموقف الواضح من التطبيع وما اعلان الاسناد اللفظي للمقاومة الا تقية مؤقتة لا تكلفهم الان كثيرا لكنها لا تبرؤهم من الموقف الملتبس وتقدم الحالة المغربية نموذجا واضحا لهذه المراوغة لقد انكشف عمق الرفض فمقابل البقاء في السلطة شارك الاسلاميون من موقع متقدم في التطبيع وساقوا المبررات الاقتصادية التي سنسمع مثلها في تونس. (وقد سمعنا بعضها بعد)

ما العمل اذن… هذه وصيتي او نصيحتي

لنبني موقفا شعبيا واضحا ولنسر به في الشوارع الان وليس غدا ولا نعتمد البتة على موقف الاحزاب والكتل السياسية البرلمانية او غيرها وخاصة لا تصدقوا موقف النقابة المعلن …انها تقود الوضع الى التطبيع فوجودها الظاهر خارج السلطة يضعها في موقف لفظي مريح …

ان الخسارة القادمة في قطار التطبيع ستكون مدمرة للبلد ولمستقبله ولمكاسب الحرية القليلة التي نعيش بها الان …سيظلون (سيضلون) يدفعون بعضهم بعضا الى الورطة من اجل مكاسب مؤقتة فنفيق على البلد في ورطة لا مخرج منها … (تذكروا ان قانون تجريم التطبيع قد اختفى زمن الباجي لنفس الاسباب وعودته الان لا تختلف في مبرراتها عن تقديمه لأول مرة).

الموقف الشعبي في تقديري ولست منكم في موضع الامر أو القيادة يجب ان يسبق الرفض العاطفي الذي وجد المصريون فيه أنفسهم زمن السادات وخلفه …لم يطبع المواطن المصري ولكنه احتمل بمرارة وصمت.. والاستباق الواعي يقينا من الخنوع الذليل اللاحق لقرار سياسي له بيننا أنصار اصفهم بلا تردد بالخونة …

ليكن الموقف من اجل تونس اولا ومن اجل ديمقراطيتها …ومن اجل حريتنا …قبل ان نفكر في حق الفلسطيني وواجبنا نحوه …فهذا سيتحقق بالتبعية لموقفنا الداخلي من الكيان العدو..

من اجل تونس قبل فلسطين لنستبق بالشعب كل خطوة تطبيع …ولنتبه الى طبيعة دعاة رفض التطبيع لفظا فهم خونة مزايدون على بعضهم ضمن تقاليد الكيد الضرائري …التي تربوا عليها ولم يتربوا منها…

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات