أيّها العرب الذين ترككم حكّامكم المشغولون كالدّواب بمتعة البطْن والفرْج رغم اعتلائهم كراسيَّ الحكم عقودا مديدة سمعنا فيها جعجعةً ولم نرَ طحْنا:
ما نقرؤه من مواقفكم المتقاتلة تجاه ما يجري من صراع بين الكيان الصّهيونيّ والجمهوريّة الإيرانيّة الشّيعيّة مخجلٌ، فقد كان بالإمكان أن تكون أوطانكم في موقع قوّة تتجاوزون معه هذا اللّغَط الذي ينحاز فيه بعضكم إلى هذا الطّرف وبعضكم الآخر إلى ذاك، ف"المتغطّي بمْتاع النّاس عرْيانْ" كما يقول المثَل التّونسيّ…
وإذا كان، في ظلّ هذا الواقع المرّ المرير، لا بدّ من هذا الاختلاف والتّراشق المفضوحيْن الفاضحيْن على وسائل التّواصل والإعلام فلْتحتكموا إلى عقول العصافير التي رُكّبت في أجسام البغال.
- يجب أن نتفهّم حالةَ "فرح" البعض بما يصيب إيران من ضرب صهيونيّ النّاتجةَ عمّا فعلته الجمهوريّة الفارسيّة فيهم من خلال ضبّاط جيشها وجنوده في هذا البلد العربيّ أو ذاك، فما الذي عاش ممارساتهم الخسيسة كمن لم يعش. لكنْ ليس إلى حدّ الاصطفاف الأرعن إلى جانب الصّهاينة الأوغاد…
- يجب أن لا ننسى أنّ إيران وقفت إلى جانب المقاومة الفلسطينيّة سنواتٍ طِوالا خذلتْها فيها الدّول العربيّة خذلانًا مدنَّسًا مدنِّسًا تُجووِز إلى التّواطؤ مع العدوّ بالمال والعتاد وتشديد الخناق وما إلى ذلك من قذِر الوسائل.
- يجب أن نُدرك أنّ ما يلقاه الكيان الغاصب من ضربات الصّواريخ الإيرانيّة الموجعة مشهدٌ غيرُ مسبوق ومُثلجٌ للصّدر تمنّيناه ولم نعشه واقعا حيّا منذ تأسّست هذه الدّويلة مرضا عضالا في جسد أمّة النّوم والنّيام.
- صحيحٌ أنّ ما تمنّته الأجيال المعاصرة للثّورة الإيرانيّة لم يحصل فخاب ظنّها وأُزهِق أملها لأسباب يطول الخوض فيها لعلّ أهمّها ما اتّصل بالإمام الخميني من شبُهات كونه صناعة غربيّة استخباراتيّة. وما حكّامُكم الجالسون طويلا على كراسيَّ حكمكم بمنأى عن هذه الشّبهات وإن استطالوا الجثوّ على الصّدور وكتْم الأنفاس بأكذوبة مناوءة "العدوّ المحتلّ الغاصب" الذي ما يزال يحتلّ أراضيَ عربيّة لدول "ذات سيادة" منذ ما سُمّي بحرب الأيّام السّتّة المسوِّدة لتاريخكم الذي تروْنه ناصعا بعيون فكركم الحوْلاء.
- صحيحٌ أنّ دولةً تتجهّز لامتلاك القنبلة النّوويّة لا يجب، بأيّ حال من الأحوال، أن تكون مخترَقة استخباراتيّا بالكيفيّة العجيبة التي رأينا قبل هذه المواجهة المباشرة وخلالها. وهو ما أدمى قلوبنا وأثار استغرابنا وشوّش فرحتنا بصناعة الموت والرّعب والهلع بين مواطني الكيان اللّقطاء الذي تلذّذوا طويلا بمعاناة إخوتنا في غزّة وفي عموم فلسطين يُدكّون بوحشيّة تحت أطنان القنابل والصّواريخ الأمريكيّة وغيرها…
لِنتركْ ما تقدّم، فالحديث فيه يطول ويتشعّب. ولْنذهبْ أيّها التُّبّعُ المستطيعون بغيركم إلى ما أنتم فيه من مطبّ ذي ثلاث شُعب لعلّ أحلاها مرّ:
انتهاء المعركة لصالح الكيان الذي سيدخل وقتَها ما بقيَ من غُرف نومكم، أو انتهاؤها لصالح إيران التي ستوسّع حملة نشر تشيّعها وتحويل وجْهِ عروبتكم ويدِها ولسانِها، أو إيقاف المناوشة والجلوس إلى طاولة المفاوضات للخروج بما يزيدكم بؤسًا فوق بؤسكم وحقارة فوق حقارتكم…
قبل المغادرة اهنؤوا بمناوشاتكم الكلاميّة ذات الأسلحة المتطوّرة في انتظار نجاحكم في تخصيب اليورانيوم اللّسانيّ الذي يكذّب أبا الطّيّب المتنبّي صاحب:
"... يا أمّةً قد ضحكت من جهلها الأمم" !