اعترضني شريط يمزج بين خطاب لجمال عبد النّاصر رحمه الله وبين خطابات السّيسي فيؤكّد تشابها عجيبا لم تستطع ستّةُ عقود بكاملها أن تغيّره وتغيّر معه حال بلد وشعب كتم الجيشُ أنفاسَه وحرمه من تجربة سياسيّة مدنيّة ممكنة قد تغيّر حاله نحو الأفضل شعبا مكتومَ الأنفاس مسلوب الإرادة يُساق بالعسْف والقصْف حتّى نبت له جلدٌ من ذلٍّ رغم بواكير ثقافته وتعليمه على مستوى العالم العربيّ…
ينقل الشّريط ما يلي:
-عبد النّاصر: حَنْڨيبْ مِنِينْ"؟
-السّيسي: " ما فييييش" !
- عبد النّاصر: " ما فيشْ.. إنت عايزْ إيهْ؟ .. حَڨيبْلكْ مِنينْ البيتْ اللّي حَيِتْكلّفْ ألف أو ألفينْ ؟"
- السّيسي: "المرتّباتْ.. أيْوه.. ما نا عارفْ.. بسْ مْنينْ؟ ڨلّي أعْملّو إيهْ.. أڨيبو منينْ؟
- عبد النّاصر: " يا ريتْ أنا النّهارده أدوس على الزّرارْ يطلع لكلّ واحدْ فيكو شقّة (شأّة).. ولكلّ واحد... ههههههه ".
- السّيسي: ما فيش زَرايرْ.. يعني أڨيب من السّماء حِتّة إلْكمْ.. الله يعلم".
- عبد النّاصر: "ربّنا آدِرْ يِدّي كلّ واحدْ فينا كلّ شِيء، وكلّ مَتاع الدّنيا.. ولكنْ لوهْ حِكمه".
- السّيسي: " سبحانو وتعالى موش محتاڨ يسألْني.. هُوّة موشْ محتاڨ يِسألني.. هو عارفْ كويّسْ حالْنا".
عبد النّاصر: " أنا وأنت وهوّة وكلّ واحد فينا نتْكاتِفْ ونِبْني..."
-السّيسي: "أحْنا ما ناكلْشْ.. وحَنِبْني بَلَدْنا.. اصْبْرو وحتْشوفو العڨَبْ العُڨابْ في مَصرْ".
ما هذا التّناغم رغم الفارق الزّمنيّ المهول؟ هل هي عقيدة العسكر الضّاربة عرض الحائط ببلد وشعب تستمرّ وتتواصل؟ (الأوّل انقلب من أجل الانتقام من الأثرياء وتأميم الثّورة لكنّه "غطس" فيها ورفاقه إلى الأذقان، وارتاد ملاعب التّنّس يمارس لعبة "الأكابر" حيث أقام علاقةً مع سفير أمريكا للانتقام من الإنجليز غيرَ مجّانيّة قبل أن تتهلهل فيرتميَ في أحضان السّوفيات...
والثّاني انقلب ليُشيّد قصورا له ولأسرته فارهةً في أرقى الأماكن بأثمان تكفي وزيادة لسدّ جوع أبناء شعبه المسكين) ؟ هل هي الصّدفة التي خيرٌ من ألف ميعاد؟! أليس استعمال الدّين في السّياسة وفي استغفال الشّعب قديما ومصريَّ المنبت والنّشأة يا أهلَنا "الطّيّبين". ها هو "أفيون الشّعوب" يتواصل بوفاء فيّاض من رعيل عسكريّ إلى آخر في مصر "المحبوسة" ؟!
رحم الله الضّابطَ الحرّ الوحيد، الرّئيسَ الأوّل، العسكريَّ الزّاهد المنقلَب عليه محمّد نجيب صاحبَ كتاب "كنتُ رئيسا لمصر" الذي قال:
" تولّد في داخلي إحساس بأنّنا فتحنا بابا أمام باقي الضّبّاط ليخرجوا منه إلى المناصب المدنيّة، ذات النّفوذ القويّ والدّخل الكبير، وحاولت قدر استطاعتي إغلاق هذا الباب، وابتعاد الجيش عن الحياة المدنيّة، وعودته إلى الثّكنات وترك البلد للسّياسيّين، لكنْ كان الوقت على ما أعتقدُ قد فات؛ فقد اخترق العسكريّون كلّ المجالات وصبغوا كلّ المصالح المدنيّة باللّون الكاكي" !
كمْ رميتُ "الكاكي" (مع فارق المعنى والتّوقيت) إلى قِرَدة البلفدير ألاعبها من أمام أقفاصها تزجيةً لبعض وقتٍ طالبا زائرا من آداب منّوبة على متن "الكات ساي" 4cالصّفاء الشّهيرة !