لماذا لم تُجب "إسرائيل" عبّاسًا عن استعاده لتقديم العون لإخماد الحرائق المهولة التي اشتعلت بكثافة لم يعهدها أعداءُ الأمّة في الأرض المغتصبة حتّى اضطُرّوا إلى إلغاء احتفالهم السّنويّ بما يسمّونه يوم الاستقلال (يوم الاحتلال أو يوم النّكبة لديْنا)؟
سؤالٌ غيرُ محيّر. فهي أعلم الجهات بأنّ الرّجل لا يملك ماءَ وجهٍ كافيًا لإطفاء سيجارةٍ، ولا أدوات ذات صلة بما ابتُليت به فأرادت إعفاءه وهي العالمة بكلّ قدُراته ومقدّراته رئيسا جيء به من "قاع الخابية " لخدمة الاحتلال على حساب أبناء وطنه الذين باعهم في سوق الإبادة غير المسبوقة في التّاريخ وفضّل عليهم كرسيّا هزّازا وسلطة مبتورة شكليّة وهو البالغ ستّا وثمانين سنة بالتّمام والكمال…
ذكّرتني المسألةُ بقصّة أعرفها وأعرف صاحبيْها:
جاء أحدُ أهل الثّروة طاولةَ مقهًى حولها زمرةٌ من أصدقائه يطلب نقودا يحتاجها سريعا، فوقف أحدُهم ، وكان أشدّ الجلّاس فقرا لبطالته المطوّلة، يُدير يده إلى الجيب الأيمن الخلفيّ لبنطاله ليُناوله ورقة بعشرة دنانير هي كلّ ما يملك. عندها قال له السّائل صاحب الرّوح المرِحة:
يا فلانا، دع نقودك معك. شؤوني لا تقضيها النّقود التي توضع حيث المؤخّرة !