علاش احنا متأكدين من زوال الكيان ومن انتصار الحق الفلسطيني كاملا غير منقوص؟

على خاطر تعلمنا هذا من التاريخ. ثمة ثقافات يسهل ابتلاعها، وتندمج المجموعات المعتنقة لها بسهولة ويسر في السياق الإستعماري، وثمة ثقافات يستحيل أنها تذوب، أنو يقع ابتلاعها، أن الإستعمار يقول في يوم من الأيام أنو نجح في مهمتو نهائيا معها.

خلي ناخذو مثال قريب لينا جدا، وهو مثال الجزائر. قداش دام الاستعمار الفرنسي للجزائر؟ 130 سنة. في ميا وثلاثين عام تحصل برشة حاجات، يكون تعداو أجيال، ويفترض يكون الناس نساو، خاصة وقت تمنعهم من تدريس لغتهم، والكتابة والنشر بيها. وقت تقطع علاقة شعبها بكل الفضاء الثقافي متاعهم. وقت تفكلهم أرضهم وتشتتهم في الصحاري. وقت تبدل حتى أسماء المدن والقرى متاعهم. وقت تعمل فيهم كل جرائم الإبادة الجماعية الممكنة. يعني وقت تعمل كل ما يخطر على بالك، وتنجح باش تعملو.

شنوة إلي بقى في نهاية الأمر للجزائريين باش ينطلقوا منو لتحرير بلادهم؟ حاجات تظهر بسيطة، ولكنها كافية:

- اللغة العربية.

- إيمانهم أن البلاد بلادهم، وأن الفرنسيين مجرد محتلين بالسلاح والقوة.

- الإسلام.

يعني هنا نحكيو على الثقافة، على أفكار، على قناعات. ماثماش استعمار قادر يعطي حاجات للشعوب الي وقع احتلالها باش تقبل وترضى بالوضع إذا ثمة ثقافة تقول، وتذكر، أن التناقض الأصلي هو بين استعمار وبين شعب انتهكت حقوقه. إذا التناقض هذا حي، وينتقل من جيل لجيل، وتقع تغذيته والتذكير به، القضية لا تموت، وبقاء الإستعمار يكون دائما محل تهديد.

نرجعو: علاش قضية فلسطين مآلها الإنتصار مهما كانت التفاصيل؟ ولو كانت التفاصيل هذي هي مواقف الدول الكبرى، واللوبيات الصهيونية المؤثرة في العالم، والفارق في التسليح، وخنوع الأنظمة إلخ إلخ… على خاطر التفاصيل هذيكة الكل، ببساطة، عاجزة على هزم شعب متمسك بثقافتو، ومؤمن بأن الأرض أرضو، ويتناقل سردية الحق الفلسطيني من جيل إلى جيل. مع هذا، كل الباقي مجرد تفاصيل غير قادرة على الصمود أمام الفعل البطيء والحاسم والنهائي للثقافة.

الإنقلاب الأكبر هو في تحول فلسطين من موطن المأساة لمركز النصر، وفي تحول البلاد العربية الأخرى (في معظمها) من موطن الحليف الذي يُستنجد به فلا يأتي، ومن وهم التنمية والديمقراطية المرادفة "للإستقلال السياسي" إلى مركز المتعلم من فلسطين، وموقع الذي يستفيق على أن كل تنمية وكل ديمقراطية بلا تحرر، مجرد وهم. فلسطين تحولت اليوم، وأكثر مما مضى، بمقاومتها وصمودها أولا وأخيرا ، إلى مركز قيادة هذه الأمة، بعد أن انتشرت القناعة أنها عبء عليها. هذا تحول عظيم. في فلسطين تنتصر فكرة المقاومة، وتنهزم فكرة الإستعمار. هذا تحول إنساني شامل.

هذا ليس شعرا. هذا تاريخ !

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات