هيئة المحامين: عودة الإبن الضال!؟

في بيان مفاجئ وشديد اللهجة يقطع مع مواقفها السابقة المؤيدة للانقلاب والموالية للسلطة والتي خذلت معارك الحريات واستقلال القضاء والمحاماة، الهيئة الوطنية للمحامين تؤكد جدارة البلاد بنظام سياسي ديمقراطي تشاركي عصري يقوم على سيادة القانون واستقلالية المؤسسات ويفصل بين السلط، وتندد بتردي واقع الحريات واستفحال الإيقافات لمحامين وسياسيين وناشطين، وتطالب بالإفراج الحيني عنهم، وتدين سوء إدارة مرفق القضاء عبر مذكرات العمل المتواترة وهيمنة مناخ التخويف والترهيب، وتحذر من خطورة تدخل السلطة التنفيذية في القضاء بتكثيف النقل بمذكرات العمل خارج القانون وضمانات المحاكمة العادلة، وتهدد باتخاذ التحركات النضالية القصوى…

بيان محترم في مجمله يعكس انقلابا محمودا في الموقف من القضايا الأساسية للبلاد وذلك بصرف النظر عن خلفياته المهنية أو السياسية أو التكتيكية، غير أنه علينا إيجاد أجوبة عن الأسئلة والسياقات والتزامنات الٱتية للجزم بحقيقة تغيير الموقف إن كان استراتيجيا أو تكتيكيا مؤقتا أو اضطراريا:

- لماذا غاب عن هذا البيان القوي أكبر قضايا العدالة وأكثرها إلحاحا وحساسية واستفزازا للسلطة: حل المجلس الأعلى للقضاء والقضاة المعزولين والمطالبة بتنفيذ أحكامهم وإعادتهم إلى مواقعهم أو إعطاء إشارات واضحة لترسيمهم في المحاماة؟

- ما علاقة البيان بمشروع قانون عدول الإشهاد الذي قطع أشواطا في مسار تمريره بالبرلمان على حساب "مكاسب المهنة" ومجالات اختصاصها؟

- ما علاقة البيان بقرار مجلس المنافسة تعليق العمل بمذكرة هيئة المحامين الأخيرة حول الأتعاب الدنيا للمحامين؟

- ما علاقة البيان بما يشاع عن استهداف السلطة لرئيس البرلمان المنصب بودربالة عبر سحب سيارته والتحضير لسحب الوكالة "الشعبية" منه مثلما فُهم من قرار هيئة الانتخابات بخصوص الحد الأدنى الضروري لسحب الوكالة من النواب؟

- ما علاقة البيان بالبروز الفجئي اللافت لمنذر الزنايدي كمرشح محتمل للرئاسة؟

الإجابة عن هذه الأسئلة ستمكن حتما من فهم أكثر لمغازي البيان وتوجهات الهيئة مستقبلا وسقف أهدافها...لكن أثر البيان السياسي والقضائي قد يتجاوز أصلا ما قصدته الهيئة أو ناورت به وقد لا يمكنها التحكم في تداعياته وتدفقاته...البيان - ودون أن يدري أو يُصرح - أنصف المحامين المقاومين، وأنصف القضاة المظلومين والعدالة المقهورة، وأنصف السياسيين الرافضين للانقلاب على الشرعية والمؤسسات الديمقراطية في انتظار خطوات عملية تأكيدا لذلك...أما الاعتراف بالخطيئة والخذلان فلن يتأخر كثيرا...ودور الناس الٱن أن يُعينوا أعضاء هيئة المحامين على "شياطينهم"!

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات