بعد تصويت تاريخي لصالح حلّ الدّولتين ب 142 صوتا في الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة، ومع تواصل جرائم الإحتلال وعدم انصياعه لمطلب وقف المجازر، أدركت دول غربيّة كثيرة أنّه ما من سبيل للجم الإحتلال غير الإعتراف بالحقّ الفلسطيني وإنهاء الإحتلال. جاء اعتراف بريطانيا وكندا أستراليا وفرنسا بالدّولة الفلسطينيّة، ردّا على تصريحات متواترة ومتوتّرة لأركان الإحتلال بأنّهم يعتزمون احتلال غZة بالكامل وتهجير ما بقى من شعبها وضمّ الضّفّة الغربيّة بالكامل و"سحق" السّلطة الفلسطينيّة" لإنهاء فكرة قيام دولة فلسطينيّة، يعتبرونها خطرا وجوديّا يتهدّدهم. والأمر كذلك، لا بأس عندهم من تصفية الوجود الفلسطيني .
ماذا وراء زخم الإعتراف؟
يمكن إرجاع موجة الإعترافات الدّوليّة بالدّولة الفلسطينيّة إلى الأسباب التّالية:
1/عجز الدّول الغربيّة التي أوجدت "إسرائيل" عن لجم شراهة الإبادة لدي الإحتلال و كبح جماحه عن المضيّ فيها إلى ما لانهاية، ربّما حتّى القضاء على آخر فلسطيني.
2/ادركت الدّول الغربيّة أنّ إسرائيل باتت عبئا أخلاقيا عليها، فهي تواجه انتقادات من شعوبها بأنّها لم تفعل ما يلزم . لحماية الأطفال والنساء من الإبادة ،وتتّهمها بأنّ عدم تعليق الشراكة مع إسرائيل يشجعها على المضي في جرائمها.
3/بات واضحا لدى كثير من دول الإعتراف بالدّولة الفلسطينيّة ، أنّ إسرائيل لا تريد سلاما ولا تريد حلّ الدّولتين.
4/ادرك العالم متأخّرا، بعد أكثر من سبعين عاما حجم التّضليل الإعلامي والخداع الذي مارسه الفكر الصّهيوني حول الشّخصيّة اليهوديّة المضطهدة عبر التّاريخ ،والآمر كذلك فهي تحتاج إلى "وطن قومي".. ولّمّا حصلوا على ما يريدون راحوا يبتزون العالم بالمحرقة لضمان تفوّقهم على محيطهم العربي ،ولّمّا ضمنوا تفوّقهم لم يتَورّعوا عن ارتكاب المجازر بذريعة "الدفاع عن النفس"وحماية الشعب اليهودي من الإضطهاد" و" ملاحقة الإرهاب"... حينئذ بدأ التّساؤل: كيف يمكن لشعب عانى من المحرقة النّازيّة أن يرتكب محرقة بحقّ غيره؟ وكيف يمكن لشعب عانى من الإضطهاد أن يضطهد غيره؟
5/أدرك العالم متأخّرا جدّا أنّ الفكر الصّهيوني ،هو رديف الفكر النازي ،وكما وقف الغرب في وجه النّازيْة، حان الوقت ليقف في وجه الصّهيونيّة، وكما فعل ما يلزم لإنقاذ اليهود من المحرقة النّازيّة، توجّب عليه وبنفس المعايير الإنسانيّة أن ينهي الإضطهاد الصّهيوني للفلسطينيين.
اعتراف ولكن:
لقد انتظر العالم أكثر من خمس وسبعين عاما منذ قيام "دولة إسرائيل" ليعترف بالدّولة الفلسطينيّة ،فهل على الفلسطيني أن ينتظر سبعين عاما أخرى ليرى قيام دولة فلسطينيّة واقعيّا ؟ وماذا لو ضرب الكيان بكل اعترافات العالم عرض الحائط كما فعل مع قوانينه وشرائعه ومواثيقه وكما فعل مع حلّ الدّولتين منذ إعلان التّقسيم عام 67 ؟وماذا لو استعملت أمريكا الفيتو اللّعين؟ ماهي الخيارات المتاحة أمام العالم لتجسيد اعترافه بالدّولة الفلسطينيّة؟ تلك الأسئلة جعلت محلّلين كثر يعتقدون أنّ موجة الإعتراف قد تكون هروبا من فرض عقوبات قاسية على "إسرائيل" لإجبارها على وقف المجازر.