الكيان أمام المحكمة الدّوليّة

بإرث "نلسن مونديالا"، وبمعاناة السّنين المريرة تحت نظام الفصل العنصري، دولة جنوب إفريقيا تجرّ الكيان المحتلّ في فلسطين إلى أعلى هيكل قضائي في العالم(محكمة العدل الدّوليّة) ،بتهمة خرق اتّفاقيّة منع جرائم الإبادة، وهي المرّة الأولى التي يقف فيها الكيان أمام محكمة دوليّة، كمتّهم بجرائم إبادة ، وهذا امر لا يحبّذه الكيان، لا يريد لجرائمه ان يقع التداول فيها عالميّا وأمام المحاكم ، خوفا من فقدان التّعاطف العالمي (وهو ما فقده بالفعل) وخوفا من تنامي التعاطف العالمي مع قضيّة الشعب الفلسطيني المحتل(وقد حصل)، من حيث اراد محوها، تهويدا وتطبيعا وإبادة وتهجيرا.

دولة جنوب إفريقيا تنجح في جرجرة الكيان إلى أروقة، المحاكم الدّوليّة،بعد هروب منذ عام 48. بينما فشلت الدّول العربيّة والإسلاميّة خوفا من غضب أمريكا التي ظلْت تبيعهم الوهم...تكتسب دعوى جنوب إفريقيا المرفوعة أمام محكمة العدل الدّوليّة أهمّيتها من عدّة جوانب:

1/من حيث إنّ الدّولة التي أثارتها (جنوب إفريقيا)، ليست عربيّة ولا هي إسلاميّة.

2/ ثمّ إنّها عانت لسنوات طويلة من نظام الفصل العنصري (الأبارتيد) الذي كانت تدعمه "إسرائيل" ، بينما كان الرّاحل ياسر عرفات يدعم نضال شعب جنوب إفريقيا ضد نظام الفصل العنصري.

3/وثّق الفريق القانوي ملفّ الدّعوى بتقاريرمثقلة بالأرقام المرعبة عن ضحايا العدوان وحجم الدّمار وإعدام أسباب الحياة،وهي في أغلبها صادرة عن هيئات أمميّة، كما ضمّنت الملفّ تصريحات عنصريّة لمسؤولين في الكيان (اعتبار الفلسطينيين حيوانات بشريّة).

4/كان لافتا للإنتباه تضمين ملفّ الدّعوى لوحة(سبّورة) من أحد المشافي كتب عليها بخطّ اليد، أنّ الأطبّاء لا يستطيعون التدخّل لعلاج الجرحى بسبب انعدام الدّواء و المستلزمات الطّبّيّة.. نفس اللّوحة ترفق بملفّ الدّعوى وقد ظهرت عليها آثار الرّصاص بعد سيطرة جنود الاحتلال على المشفى.. ما يؤكّد مجدّدا نوايا الإنتقام والإبادة الجماعيّة وإعدام أسباب الحياة.

كما كان متوقّعا، هاجم الكيان انعقاد المحكمة، كما هاجم مسؤولوه من قبل الأمين العام للمنظّمة الأمميّة بسبب انزعاجه من الأوضاع الإنسانيّة في غزّة. وكان لدولة جنوب إفريقيا نصيبها من الهجوم، حيث وصفت بالنّفاق، لأنّها تجرّأت على توجيه تهمة الإبادة للكيان المحتل. ولأنّه أدمن الكذب كما أدمن الإجرام، اعتبر دولة جنوب إفريقيا ذراعا للمقاومة. وليس مستغربا إذا صدر قرار بإجراءات مؤقّتة وتدابير احترازيّة ، ان يعتبر المحكمة مسيّسة.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات