شرف جرّ إسرائيل إلى القضاء الدولي حصلت عليه دولة جنوب أفريقيا

منذ ثلاثة أشهر يتصدر أبناء الشعوب الأخرى قضية الدفاع عن الشعب الفلسطيني، في الشوارع والجامعات والمنتديات وكل مكان. وحتى شرف جرّ إسرائيل إلى القضاء الدولي حصلت عليه دولة جنوب أفريقيا، رغم أن هناك 12 دولة عربية على الأقل منضمة منذ عشرات السنين إلى «اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها»، وهي (مصر، العراق، الجزائر، الأردن، الكويت، المغرب،تونس، الإمارات العربية، السعودية، السودان، سوريا، البحرين). هذا فضلاً عن عشرات الدول الإسلامية المنضمة إليها منذ زمن طويل أيضاً، مثل تركيا. لكن أياً منها لم تبادر إلى الخطوة التي قامت بها جنوب أفريقيا، بغض النظر عن حقيقة أن من يحكم هذه الدول قاطبة، باستثناء الجزائر وتونس، عملاء رسميون لإسرائيل والحركة الصهيونية، أو على الأقل لهم روابط معها من تحت الطاولة.

صحيح أن دعوى جنوب أفريقيا ليس لها أي قيمة عملية على أرض الواقع، لكن - بسبب الرمزية الخاصة لحكومتها، كوريثة لأعظم كفاح ضد العنصرية، ، ولأن هذه سابقة بالنسبة لإسرائيل – سيكون من شأن العالم أن يتجاوز «المحرمات الدولية» للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية: محرّمات اتهام الدولة اليهودية بممارسة ما تعرض لها اليهود على يد النازية. وهذا بالضبط ما جعل إسرائيل تفقد عقلها، وما جعل قادتها يصابون بالهستيريا. فللمرة الأولى منذ 75 عاماً يشعرون كما لو أنهم عراة وسط الشارع، رغم أن العالم الرسمي كله يقف وراءهم!

ذلك في الوقت الذي تعيش فيه الشوارع العربية والإسلامية (عدا بلدين أو ثلاثة) صمت القبور رغم هول ما تراه، باستثناء بعض التظاهرات والتجمعات الاحتجاجية الخجولة التي خرجت هنا وهناك ، غالباً بترتيب من أجهزة المخابرات المحلية، كنوع من رفع العتب وإبراء الذمة. والواقع، وبالمعنى العملي، إن الشعب المصري، وليس نظامه فقط، هو من يَلِغ في دم الشعب الفلسطيني ويشارك في إبادته منذ 3 أشهر، تماما وعلى قدم المساواة (بل ربما أكثر) من الصهاينة أنفسهم.

لو دققنا في هوية هؤلاء الذين يتصدرون الدفاع عن القضية الفلسطينية، سوف نجد أنهم مسيحيون ويهود في أغلبيتهم الساحقة. ولعل الأنبل والأشجع من بين هؤلاء أولئك اليهود الناجون من المحرقة أو أبناؤهم أو أحفادهم. بتعبير آخر: هم أولئك الذين يوصَفون في العالم الإسلامي بـ«أبناء القردة والخنازير»! ويمكن أن نضيف إلى هؤلاء،على خلفية مشابهة، «الشيعة الروافض» بمذاهبهم المختلفة، والذين يوضعون غالباً في قائمة أدنى من «قائمة أبناء القردة والخنازير»، حيث يُحرم الزواج منهم أو الأكل من طعامهم أو حتى السلام عليهم ومجالستهم، ويجري لعنهم والتشهير بهم وفبركة القصص الخسيسة عنهم على مدار الساعة!

متى يفهم العرب والمسلمون أن «أبناء القردة والخنازير» الحقيقيين هم أبناء قومهم ودينهم الذين يخذلون قضيتهم والذين تخلوا عنها، بل ويتواطؤون بأشكل مختلفة مع العدو ضدها ،وأن هناك روابط أعمق وأعظم وأنبل وأقدس من الراوبط القومية والدينية!؟

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Nacyma
14/01/2024 08:36
صحيح مئة بالمئة مقال ممتاز شكرا لكاتبه